ماذا يعني سقوط الانقلاب ؟

2014/01/24 الساعة 11:24 مساءً

تأتي الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير المصرية هذا العام والوضع قد انقلب أكثر من 360 درجة عكس ما كان عليه في الذكرى الثانية والاولى بعد ما قام الجيش بالانقلاب على الرئيس المنتخب وحل مجلس الشورى المنتخب والغاء الدستور المستفتى عليه من قبل الشعب وهدم ما بناه الشعب في خمسة استحقاقات انتخابية شهد على نزاهتها العالم بأسره وأعاد الأمور ليس الى ما قبل 25يناير 2011م فحسب إنما الى ما قبل خمسين عاماً من الظلم والقهر والاستبداد وألغى كل المكاسب التي خرج من اجلها الشعب كالحرية والكرامة

لكن قبل أن نتحدث عن سقوط الانقلاب الفاشي وهذا شيء مسلم به , يجب أن نسأل انفسنا : لماذا حدث الانقلاب ؟ لأن الاجابة على هذا السؤال ستقودنا حتماً الى معرفة ماذا يعني سقوط الانقلاب ؟ فنحن جميعاً نعرف أن الانقلاب تم بتعاون قوى داخلية و إقليمية و دولية  في تآمر مفضوح يعرفه الصغير والكبير ولم يكن العسكر الا منفذين لتلك المؤامرة التي وجدوها الحل الوحيد للمحافظة على مصالحهم الغير شرعية والتي بدأ مرسي يسحبها منهم , ابتداء من هيمنتهم على السلطة مروراً بسيطرتهم على اقتصاد الشعب المصري , ومحاولته إعادتهم الى وضعهم الطبيعي كأي جيش في العالم مهمته حماية البلد من العدو الخارجي


فالقوى المحلية ابتداءً من الاقباط الذين يعانون من فوبيا الاخوان نتيجة الحملة الاعلامية التي صورت الإخوان وكأنهم قادمون من كوكب أخر رغم أن الإخوان قدموا لهم كل التطمينات ولم يجدوا من مرسي أي موقف ينتقص من حقوقهم , لكنهم ينقادون خلف سلطة البابا المعادي للإسلام والمسلمين , كذلك علماء السلطة الذين صنعهم مبارك وجعلهم على رأس المؤسسات الاسلامية ومخبري أمن الدولة أصحاب اللحى الطويلة , وفلول نظام مبارك بكل أركانه ومؤسساته الفاسدة  (سياسيين - رجال أعمال – الإعلام – القضاء ) وما سمي بالقوى المدنية من ( علمانيين – ليبراليين – يساريين – قوميين ) التي خسرت كل الانتخابات والاستفتاءات أمام الإخوان المسلمين ,هذه القوى وجدت نفسها عبارة عن مسميات ليس لها أي رصيد شعبي ولم يكن أمامها من خيار إلا الاستنجاد بالجيش لإسقاط الإخوان الذين اختارهم الشعب , رغم أنها تعلم يقيناً أن تدخل الجيش وانقلابه على الرئيس لا يعني أنه سيسلمها الحكم , لكنه يعني إسقاط الديمقراطية التي تغنوا بها لعقود ومادام أن الانقلاب ضد الاخوان فانه يصبح شرعياً , كما قال المؤرخ الجوادي عنهم : " انهم كمن يقول اقلع عيناي الاثنتين مقابل أن تقلع عيناً لعدوي " , كل هذه القوى رغم كثرة عددها فقد كانت أعجز من أن تواجه الاخوان سواءً بالانتخابات أو بالمظاهرات لأنها مجرد رؤوس من غير أجساد , فكان خيار استدعاء الجيش هو الخيار الوحيد لمواجهة الاخوان المسلمين .

 

اقليمياً نتحدث عن ثلاث قوى , أولها : إسرائيل التي أطلقت حربها على غزة كبالونة اختبار لترى رد فعله , كان رد فعل الرئيس مرسي مفاجئاً لهم ولأمريكا التي تدعمهم رغم أنه كان في بداية فترة حكمه فقد ارسل رئيس حكومته الى غزة وكان أكبر تحدي للصهاينة حينها وأعلن وقوف مصر مع الفلسطينيين بل فرض هدنة على شروط المقاومة , ثانيها : كانت دول الخليج بعائلاتها الحاكمة والتي شعرت أن نجاح مرسي كرئيس جاءت به ثورة شعبية ليس له الا معنى واحد وهو أن الشعوب تتعلم من بعض وما حدث في بلد عربي لن يتوقف عند حدودها بل سيتعداها من دولة الى أخرى وهذا ما جعل تلك العائلات تعلن دعمها علناً للانقلاب مادياً ومعنوياً  وثالثها إيران وشيعتها الذين وجدوا أن نجاح مرسي سيكون بداية لنجاح كل الثورات بما فيها الثورة السورية التي أعلن مرسي دعمه لها وهذا معناه سقوط المشروع الايراني الطائفي في المنطقة .

دولياً كانت امريكا ومن ورائها أوروبا التي فاجأها الربيع العربي الذي لم تكن تحسب حسابه , وقف الغرب يرقب مرسي ليرى كيف سيكون تعمله مع القضايا الداخلية والاقليمية , لكنها كانت أكثر مفاجأة حينما وجدت مرسي يعلن من أول يوم مشروعه الاستراتيجي " نمتلك غذاءنا ودواءنا وسلاحنا " بل والبدء في مشروع الاكتفاء الذاتي من القمح مما يعني خروج مصر من عباءة امريكا وهيمنة القوى الغربية لتقود العالم العربي والاسلامي في نهضة حضارية عنوانها الحرية طريقنا لنهضة امتنا , بل وجدوا أن الرئيس مرسي بدأ يتعامل معهم كـ ند لهم وليس تابع كما كان سابقوه والدليل على ذلك أن الرئيس أوباما طلب الاجتماع  به على هامش اجتماعات الامم المتحدة في نيويورك لكن مرسي رفض وقال : إن مصر أكبر دولة عربية ومن يريد أن يجتمع برئيسها عليه أن يقدم طلب زيارة رسمية وليس اجتماعاً هامشياً .

واليوم عشية الذكرى الثالثة لـ 25 يناير نقول بأن الانقلاب سيسقط سواءً غداً أو بعد شهر أو بعد عام مهما حاول الداعمون له إمداده بالأكسجين, فسيأتي اليوم الذي يضطرهم الى التسليم بعدم قدرتهم على إعادة الحياة الى جسد ميت وحديثنا عن سقوط الانقلاب ليس أمنيات ولا قفزاً على الواقع كما يقول اليائسون ولكنه إيمان راسخ ويقين ثابت بأن الشعب الذي يرفض الظلم ويخرج ضد الطغيان ولا يستسلم فإن الله لامحالة  ناصره والتاريخ يؤكد على ما نقول , وسقوط الانقلاب لا يعني انتصار الاخوان المسلمين فقط كونهم رأس الحربة في مواجهته ولكنه يعني انتصار كل قيم الحق (الحرية والعدل والمساواة)التي خرجت الشعوب من اجلها والعودة الى المسار الديمقراطي

سقوط الانقلاب معناه سقوط الإعلام الأفاك والقضاء الفاسد والشرطة الاجرامية والجيش الخائن
سقوط الانقلاب معناه سقوط خيانة العسكر والتآمر الصهيوني

سقوط الانقلاب سقوط الهيمنة الامريكية والتبعية المصرية

سقوط الانقلاب معناه سقوط سفهاء الخليج بعوائلهم وأموالهم التي تستخدم ضد حرية الشعوب

سقوط الانقلاب معناه سقوط أقنعة الزيف التي اتخذت الدين وسيلة لتبرير التآمر والقتل والاجرام

سقوط الانقلاب معناه سقوط تيارات الدجل والكذب باسم الحرية والمدنية والديمقراطية
سقوط الانقلاب معناه سقوط محور التآمر الصفوي باسم الممانعة والمقاومة
سقوط الانقلاب معناه عودة الحرية والكرامة وتحرر مصر من الهيمنة والنفوذ الخارجي وبداية لنهضة عربية اسلامية شاملة

                   ...(( ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً))...