اليمن بين خيـاري الفوضى والدولة

2014/02/09 الساعة 12:21 صباحاً
يلاحـظ المتابع العادي وحتى السياســي الحزبي اليمني والمثقف العـربي الأحداث المتسـارعة 
في الأتجاه السلبي في اليمن خصوصاً بعد الإنتهـاء من مؤتمر الحوار الوطنــي الذي جمع بين
كل ممثلي القوى المتصـارعة على كرسي السلطة والخروج بوثيقـة مُعدة سلفاً بقوالب خارجية
وما تضمنت هذه الوثيقة الموسومة بـ " مخـرجات الحوار " وتوافق القوى عليها لفظـاً والبصم
على الورق في تارة في حضرة القصـر الرئـاسي وأُخـرى في قاعة موفمبيـك الفارهة علماً بأن
حِبـر هذه المخرجات الأسود ما لبث أن يجف حتى تحولت المخـرجات على الواقع الميداني إلى
شـلالات من الدِماء وسـاحة حمـراء من الإقتتـال  بين القوى القوى التي حضـرت بقوة وشاركت
في الصُيـاح والخطاب من على منصت مؤتمر الحوار أو بجوارها علماً بأن كل قوى الكُـرسي في
" حضرت حفل التتـويج النهائي لبطل المسرحية الحوارية السيد المندوب السامي " جمال بن عُمـر
بل وشارك الشعب المسكين عن بُعـد في ذلك الإحتفـال من خلال إضاءت أجواء المحافظات اليمنية
بالالعـاب النارية حد الإفـراط في الفـرحة أملاً بالخـروج من دوائـر الصراع على السُلطة وتغليب
مصلحة اليمن كي يعـم الأمن والإستقـرار ويعلو صوت القانون والعدل وتجف منابع الموت اليومي 
إلا أن الحقيقة كانت حاضرة بقوة أيضـاً لتقول للجميع أنتم تمحـورتم على الطاولات ولم تتحـاوروا
وما نشهـده اليــوم من صراع بين القبيلة والتي كانت ومازالت تمثل حكومة ظـل وبين الطائفية التي
تسعـى إلى التمدد على الأرض يؤكـد تماماً رؤيتنــا التحليلية المستندة للشواهد المادية لفشل الحوار 
ونجـاح قوى الصراع في العودة إلى المربع الأول وتغليب صوت البندقية على صوت العقل والحكمة
ومصلحة الوطن ولا ريب فكلاً من أطراف الصراع يدعي وصلاً بأحيقـة الدفاع الحق الإلهي ويسرف
بالقول نحن مع مصلحة الوطن وعكس القول يتجسد الفعل على الميدان مواجهة وحرب هى أقرب إلى
الوصف بالأهلية نعم فالكل يحشد لهـا أتباعة ومن تبعهم إلى التخلف وأشيــاعه ومن شـايعهم في الجهـل
والكل يستعد لصد " الكـــل "من السيطرة على العاصمـة صنعـاء والإنقضـاض على أطلال الدولة في
عُقـر دارها الرئـاسي والذي صارت مهمتـة إيفـاد اللجـان الرئاسية " للوسـاطة " وعقد الأتفاقيـات بين
الوقتيـة التي سُـرعان ما تتبخـر مضامينها الشكلية بمجرد عودة لجنة الوساطة وهات يا لعب  وكما يقول
المثل اليمني الشعبي " حجـر وسيري سـايرة " إذاً في ظل هذا الوضع المؤشـر بالإنفجـار بين قوى هى
أساس الصراع ومنبع تمويله وتغذية أحداثه ودور القصر الرئاسي المروض على ثقافة الوساطة في بلد
اللا دولة واللا قـانون يحكم الجميع ويصفـد كل من تســول له نفسه المساس بالأمن نحن في اليمن امـام
خيـارين أولهـما : إما الإستمرار بثقـافة الوسـاطة وإدارة إداوت الأزمة الحالية الصراع بعُـرف القبيلة
وسيـاسة المرجعيـة والتودد لهـذه القـوى وتركهـا تعبث بأمن وإستقرار المواطن تهجيـراً وتقتيـل وظلم
وتُسيى لليمن كبلد حضاري عُرف كيانه المجتمعي بالحكمة والإيمان وتحكيم العقل في محاكات الأحداث
والتغلب على كل سلبي فيهـا وهنا يكون الخيار الأول هو الفوضي ودخول البلاد في مرحلة لا يمكن لاحد
من المتصارعين التنبـئ بنتـائجها على الوطن عمومـاً خصوصاً وأن هناك قوى محلية إنتهـازية تتربص
الفرصة لإعلان مشاريعها التقزمية سيئت الصيت وأُخرى إقليمية ودولية تتأبـط بـاليمن شـراً وتعمل على
على إدخاله في فوضى كي يكون لهـا اليد الطولى على ثرواته المادية والبشرية والتحكم بقراره السياسي
أما الخيـار الثاني فهو : حضور الدولة كبــديل وطني وكيـان سياسـي يعمل من خلال مؤسسات دستورية
على فرض الأمن والإستقرار والسلم الإجتماعي بقوة القانون وتفعيـل التشريعات التي تكفل العيش الأمن
للجميع دون تمييز أو إقصاء لسين من التنظيمات أو صاد من الجماعات بل إن حضور الدولة بمعنى الدولة
الحقيقية الخالية من أي ظل قبلي أو حزبي ومن أي تبعيـة إقليمية ودولية هو البديل الضامن لإنهـا الصراع
وتخندق القوى التقليدية من أمراء الحرب وتجار السياسية للقوى الخارجية الممولة لبؤر للصراع  وثارة
الحقد والكراهية بين أبنـاء الوطن الوحد حيث أنه في ظل غياب الدولة وهزلية حضورها الرسمي القوي
أوجد الوهن في ضمائر القوي المحلية التقليدية بحيث تمكنت القوى الخارجية المعادية لليمن من وخز هذه
المسميات  بفيروس الخيانة وسرطان التأمر وبالتـالي سهل إستخدامها كدُمـا بشرية لعرقلة عملية التنميــة 
والبنـاء والتقدم ولنا هنــا أن نستشهـد بحضور الدولة كبديل أساس ومهم في القضاء على قوى الفوضى أياً
كانت خلاقة أو تقليدية من خلال واقع الدولة في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة المباركة وكذلك حضور
الدولة بقيادة وطنية جماعية في العـام 1974م حين عم الأمن والإستقرار وحضر النظام في الحيـاة العامة
للناس والسياسية للحـاكم وبالمقابل تعاون الشعب مع الدولة وحضر بقــوة في عملية التغييـر والمشاركة 
الشعبية الطوعية الواسعة مما أدى إلى إنقراض قوى الصراع وتجار الحـروب ودعاة المشاريع الطائفية
والفـوقية والتكفيرية إن قوى الصراع المحلية التقليدية في اليمن وجِدت من قبل الأعــداء التأريخيين  لتبـقَ 
كخِنجر مسموم بالتخلف يُستل من حقد قوى الشر الخارجي ليظل مغروز في خاصرة كي يعيق نموه وتقدمه
 أقول هنا لقد أثبتت الأحداث التأريخية القديمة والحديثة والمعاصرة وخصوصاً في وطننا العربي الإسلامي
 أن غياب الدولة ككيـان سياسي ومنظومة مؤسساتية متكاملة يعني بروز الفوضى ممثلة بالقوى المحلية كحالة تفرض نفسها بقوة على الواقع بحيث تكون ثقافة الصراع هى السائدة والتقزم الجغرافي والنزعة الإستقلالية
هى الحاضرة ولنا هنا أن نستحضر القـراء التأريخية من خلال الدولتين الأموية والعباسية , دول الطوائف
في الأندلس , لبنان الصومال العـراق وليبيـا الأن . ومن هذا المُنطلق وما يحمله الواقع في اليمن في مرحلته
الحالية يتوجب علي الجميع اقول الجميع دون تعريفهم بالمسميات الكرتونية والصفات العبثية أن نعترف أولاً
بعدم وجود الدولة كنظام سياسي له حضور وفعل سيادي وبالتالي فأن الإعتــراف سيقودنا حتماً إلى إعادة
النظر في تقييم الحالة وإستنتـاج مواطن التعثر في مسار المرحلة ومصادر الإعـاقة التي تسببت في غياب
الدولة وهنا نعمل على تصحيح أعوجاج المسار بشــرط أن تتوافر العـوامل الأساسية في الرغبة الصادقة
وصقل الحس الوطني من صداء الولاءات الضيقة وإعادة تأهيل الضمير على أساس من الفداء والتضحية 
ومغادرة الإنتمــاء للأشخاص والأحزاب والجماعات وفك الإرتباط بمصادر التأمر والخيانة وهذا الدور 
الوطني المأمل علية تفعيل الخيار الثاني المتمثل بحضور الدولة كمنظومة كاملةغير منقوصة أو مستظلة 
كبديل لللأ دولة والدولة " الموظفــة " يتوقف عند قدس مصداقية النخبة من القـادة السياسيين والعسكريين 
والإعلامين ورجـل الفكر لقيادة الجماهير وتحقيق مشروعها المدني الحضاري  المختزل ألمـاً في رصيد 
المعانات وأملاً في عيون المستقبل . اليمن بحاجة إلى قيادة وطنية تشعـر بالمسؤلية وتقدس الإستحقــاقات
في الرقي والتقـدم والمواكبة وتؤمن بالإستقـلال كفريضة وطنية تؤدى جمعـاً في محراب اليمن وهذا لن
يتحقق إلا بوجود تلك القيادة  الوطنية الأنموذجية التي تصدق اليمن وتقود الجماهير إلى خيار بناء الدولة 
وتفعيل مؤسساتها السيـادية وتطهيرها من رجس الولاءات الضيقة وإستقلالية سُلطاتها وأهمها التشريعية
والإعلامية لما لهما من دور في ترسيخ أسس العدالة وسن قوانينها المعاصرة  وتوعية المجتمع بالمطالبة
بحقوقه المكفولة والتعبير عن رأية بحرية لا تتجاوز حرية الأخرين وتتعدى حرية الوطن وتأدية وأجباته المفروضة عليه  وبهذا يكون خيار وجود الدولة هو الكيان الضامن للمواطن بحق العيش بأمن وكـرامة
وللوطن بإستحقـاق السيادة وإملاك ناصية قراره السياسي وإختيار نظامه المالي والإداري وما لم يكن
 الخيـار الثاني المتمثل بحضور الدولة هو الخيار الذي يمثل ذروة الإستحقـاق الوطني فنتاج طبيعـي أن 
أن يكون خيـار الفوضى هو الخيار الدامي والحزام النـاسف في " جيــد " قوى الشر المحلية ومموليها
الإقليميين والأمميين لتدمير اليمن وتفكيك هويته الوطنية وإنتمائه العربي الإسلامي . وهنــا لا يسعني إلا
أن أقول وبأسم كل يمني حُر شريف ومواطن عانى ومازال يعاني الألم في جرح الوطن كفــى عبثاً أيهـا
القـادمون عدم من فوهة الفوضى المستوردون للصراع عبر الحدود وتجارة " التـرانزيت " الإيدلوجية 
المصدرون الموت لقُرى ومديريات وشوارع ومحافظات الوطن عبر وكلائكم الحزبيين وبائعيكم النفعيين
ولتعلموا أن اليمن شعب بكيـانه الإجتمـاعي ووطن أرض وإنسان وليس قبيـلة أوحزب وطـائفة ومذهب
بل أن اليمن ليس كما تعتقدوا عبطاً بأنه سيظل مترنح على أكتـاف الـ " الدولة الموظفـة "غادروا مسرح 
الفوضى وفوهة البُندقية وحضيض الصراع ومستنقع الموت غادروا كي يتمكن اليمنيـون الأحـرار ممن
يحملـون هوية اليمن ويقدسون الإنتمـاء إليه من بناء الدولة الحقيقيـة وفرض سيطرتها على كـامل تراب 
 الوطن المقدس كفاكم دجل تلاعب بعقول البُسطاء وتنسيبهم قتـلا إلى  ويل دار الندوة وتدريبهم على اللطم
في سعير صحن الحـوزة وتصديرهم قهـراً إلى مقابر معسكرات " داحس والغبـراء " ومخيمات الـردة
كفـاكم إنتهـازية وإستقوى على المواطن والوطن بالأعداء كفوا عن هوس السلطة تحت شِعارات عرجاء
الموت للعمة والجدة وتوزيع صكوك الغفـران وكاتم الصوت وتفخيخ مفـاتيح الجنة والدفــاع عن الحق
الإلهي وأحقية إنصار " البــابا " الزعيم بالفردوس وناقة البسوس ورمح جساس بالخلود مقابل النُصرة
ترجلوا أيها القادمون من قُعـر الجحيم عن صهـوة الفوضى وقمة الغباء وأكـذوبة الثـورية توقفـوا عن
سفك الدماء وتنـاول الفتاوى السياسية وشُرب رُقية صديد الدولار وتعليق تميمة فئة الخمسمائة الملكية 
ثقـوا أيها الصحابة اليمانيون الأخيار المنتظرون موكب الأمل القادم من فوهة القبس الوطني بأن يمننا
الحبيب سوف ينتصر للحرية ويرسي خيار مفهوم الدولة بقيادة رُسله وأنبيائه الأحرار وجنوده الأبرار 
فلسـان حال المواطن والوطن يقول " رب أني مغلوب فأنتصـر " ولسوف يأفـل مثلث الباطل والشـر
 والظلم ويُهزم رُهبان وأتباع خيار الفوضى ومُسعري الصراع ويُولون الدُبـر .. والله من ورأء القصد