الرصاصة الأخيرة .. فشنج

2014/01/21 الساعة 11:57 مساءً

منذ انطلاق مؤتمر الحوار الوطني في الـ18 من مارس 2013م والحوثيون يطلقون رصاصاتهم عليه بهدف إفشاله بعد أن دخلوا فيه مكرهين بضغط من الدول الراعية للمبادرة الخليجية , حيث أنهم وقعوا بين خيارين احلاهما مر , إما أن يرفضوا المشاركة وبالتالي يتم التعامل معهم كمتمردين محلياً واقليمياً ودولياً ويعطي الحكومة الحق في استخدام القوة لإخضاعهم , أو أن يقبلوا المشاركة فيه وبنسبة لا تعطيهم الحق في فرض ما يريدون أو رفض مالا يعجبهم والتي تعني النزول عند رأي اليمنيين والالتزام بما سينتج عن الحوار من قرارات وتنفيذ ما يتفق عليه أعضاء الحوار وهذا معناه تنازلهم عن مشروعهم في استعادة الدولة الامامية التي يسعون الى فرضها على اليمنيين بقوة السلاح

فمنذ أن انطلقت الثورة الشبابية الشعبية في الـ11 من فبراير 2011م اندفع الحوثيون اليها بقوة عبر التيار المعتدل ( أكاديميين – برلمانيين – ناشطين – صحفيين ) رافعين شعار إسقاط النظام وإقامة دولة مدنية ديمقراطية مثل بقية الثوار ولكن كان التيار المتشدد ( سلاليين – مسلحين ) يوسع نفوذه عسكرياً على الأرض مستغلين ضعف نظام صالح وتسليم بعض المعسكرات والاليات العسكرية للحوثيين عبر الموالين لهم في الجيش

رفض الحوثيين التوقيع على المبادرة الخليجية وإعلانهم استمرار الفعل الثوري ليس لانهم يريدون اسقاط النظام كما روج إعلامهم ولكن من اجل التوسع والوصول الى تحقيق أكبر رقعة توسعية على الارض وفرضها كأمر واقع في أي تفاوض مستقبلي مع الدولة , كان التوقيع على المبادرة الخليجية يعني الانتقال الى مرحلة الاستقرار السياسي والامني من خلال توحيد الجيش ومؤسسات الامن وبسط نفوذ الدولة على كامل التراب الوطني وهذا ما يعني وقف توسع الحوثيين عسكرياً  خاصةً في عمران والجوف وحجة  ولن يحقق لهم اهدافهم الا استمرار الوضع المتردي لنظام صالح

لكنهم بعد أن وقعوا في فخ الحوار الوطني اعتمدوا استراتيجية جديدة بالتعاون مع أنصار صالح  كونهم أكثر معرفة بمفاصل الدولة  , هذه الاستراتيجية اعتمدت إشعال الحروب و إطلاق الرصاص وسيلة لإفشال الحوار الوطني وبالتالي العودة بالوضع الى ما قبل توقيع المبادرة الخليجية بدءً  بمسلسل اغتيالات تطال الضباط الجنوبيين في صنعاء وعدن وحضرموت لإقناع الجنوبيين بالانسحاب من الحوار , لكنها لم تفلح ! ثم اغتيال بعض الشخصيات الاكاديمية والتي ترفض العنف علَها تدفع بمن يؤمن بالسلاح أن يرفض فكرة الحوار , لكنها لم تنجح !  لجأوا الى محاولات لاغتيال رئيس الجمهورية والانقلاب على الحكم كان أخرها ما حدث في العرضي لكنها فشلت ! ثم حصار دماج ومحاولة جر الأحزاب وخاصة الاصلاح أو الجيش الى التدخل عسكرياً ليكون مبرراً  لانسحابهم من الحوار ولكن لم ينجحوا ! فافتعلوا قضية هجرة أبناء دماج لاتهام الرئيس بعدم القدرة على حماية شعبه وإسقاط الحكومة (ولا نغفل هنا دور السلفيين مما حدث في دماج) لكنها كانت فضيحة عليهم !!

الأخطر في استراتيجية الحوثيين التي اعتمدوها لإفشال الحوار هو لجؤهم الى اغتيال شخصيات معتدلة محسوبة عليهم ( جدبان – شرف الدين) استخدموهم في مؤتمر الحوار للتغطية على حروبهم المسلحة وجرائمهم بحق اليمنيين عملاً بالمبدأ الشيعي المسمى بـ ( التقية) وعندما شعروا بانتها دور هؤلاء جعلوهم هدفاً لرصاصاتهم الغادرة بغية استثمار دماءهم في إفشال الحوار عملاً بفلسفة" الغاية تبرر الوسيلة "

كانت المفاجأة هو اعلان انتهاء مؤتمر الحوار الوطني يوم الثلاثاء الـ21 من فبراير قبل الموعد المحدد بأربعة أيام , ربما كان الهدف من تقديم الموعد هو إرباك حسابات الرافضين لمخرجاته , لكن عندما شعر الحوثيون أن ممثلهم الدكتور أحمد شرف الدين ذاهباً للتوقيع باسمهم على مخرجات الحوار لم يكن أمامهم من أمل بإفشاله سوى إطلاق رصاصتهم الاخيرة في رأس ممثلهم ليعلن أعضاؤهم حينها انسحابهم من الحوار احتجاجاً على اغتياله وبالتالي تكون رصاصتهم تلك قد أعلنت فشل الحوار الوطني , لكنها طلعت .. فشنج

اخيراً انتهى الحوار الوطني بموافقة كل المكونات السياسية والاجتماعية على نتائجه وما على الاخوة الحوثيين والمخلوع صالح  وكل من راهن على فشل الحوار الوطني والعودة بالوطن الى ما قبل 2011م أو ما قبل 1962م  ما على هؤلاء إلا الإستسلام لإرادة التغيير والتعامل مع الواقع الجديد بعيداً عن أوهام الماضي التي تجاوزها الشعب اليمني  .