الإخوانُ ضَحِيَّةُ الحَاكِمِ وأُضحِيَّةُ السُلْطَانِ:

2025/12/06 الساعة 12:16 صباحاً


قابلتُ واحِداً مِنَ الشُنَاةِ لَنا دونَ بَيِّنَةٍ، وإنَّما اتِّباعا منه لمَنْ تَصدَّرَ أو تأثُرا بمَن هَدَرَ. فقالَ: " أيُّها الإخوانُ! ماذا تُرِيدُون منا؟. ولماذا لا تَكُفُون عن إثارَةِ المَتَاعِبِ ". قلتُ: "هذا هو واجبُنا. حين نجِدُ أمَّةً خَامِلةً عن نَيْلِ حقوقِهَا، فإنَّنا نجْتَهِدُ في تنشِيطِها. وأين ما لقينا حكُومَةً خَامِدَةً عن حِمَايةِ وطَنِها وعَدَالةِ شَعبِها، وقَفنا معَارَضَةً أمَامَها. وأنْتُم تصِيْغُون المقَالَ وتنشُرُون الخَبَرَ أنَّنا حركةُ عنفٍ وإرْهَابٍ، كما هو دَيدَنُكُم تجَاهَنا". قالَ: "لأنَّنا دائما نرْصُدُ تلَازُما مُتجذِرَا بينَكُم وبين التَمَرُدِ. لِمَ لا تتوافَقُون مع سِياسَةِ الحَاكِمِ وفِقهِهِ للواقعِ المُتَمثِلِ في ضَعْفِنا وقُوةِ الغَرْبِ". قلتُ: "مُطلَقا لا نَتَّجنى على أَحَدٍ، ولا نُطَالبُ بما لَيس بِمُسْتطَاعٍ. نحن نَنصَحُ نُصْحا شَرْعِيا وننتَقِدُ نَقدا بَناءً، وِفقَ أحْكَامِ شَرْعِ اللَّهِ بِشمُولٍ وإحسَانٍ، كي تتحققَ قُوةُ وطَنِنا، وتآلُفُ شَعبِنا، وَعِزَةُ أُمَّتِنا. فلمْ تقبَلُوا ذلك منا، وبَالَغتُمْ في إيذَائِنَا وقَهرِنا. حينها لم نجِدْ سبيلا إلا أن نكُونَ مُعَارَضَةً سِلْمِيَةً ضَدَ البُغاةِ لا ضَد المُواطِنِ، ثُمَّ ثُوارا على الطُغَاةِ لا على الوَطَنِ. قالَ: "وكانَ رَدُنا سَاحِقا. حَظَرنَاكُمْ، سَجنَاكُم، عَذبنَاكُم، نَفَينَاكُم، بَهتْنَاكم، فَتنَّاكُم، قَتلنَاكم. حَشَونَا مِنهَاجَ فِكرِكُم آفَاتٍ، ولَبَّسْنا مُعتَقدَ رِسَالَتِكُم شُبُهَاتٍ، جَفَفْنا مَنَابِعَكُم، حَارَبْنَا فِكْرَكُمْ، دَعَمْنا منَافِسَكُم، وعَاهَدْنا مَن يَبغضُكُم". قلتُ مبتسما: "وماذا حَدَثَ بعدَ كُلِّ نَازِلةٍ مِنكُم فِينا، تقولون (أخِيرا ارتَحْنَا مِنهُم، وقَلَعْنا جُذُورَهُم). فتَشُقُ الأرضَ زُروعُنا الخَاشِعَةُ، فتخرُجُ منها شَطْآنٌ يَافِعةٌ، وتتفتَحُ زُهُورٌ يَانِعةٌ، وتنبُتُ فواكهُ نافعةٌ. من رَمَادِ جَمرِكُم ننبَعِثُ ثُوارا، ومِن لَظى عَذَابِكُم ننهَضُ أحْرارا، ومِن قَهْرِ مُعْتقَلِكُمْ نخرُجُ أطْهَارا". وزَفَرَ زفرةً حارةً، وأردفَ: "سأصْدُقُكَ القَولَ. كم تَسَاءَلنَا في وَقْفَةٍ مع أنْفُسِنا!. مِن أي فُولاذٍ صُقِلْتُم؟. ومن أي نُورٍ نُسِجْتُم؟. ومن أي نَبْعٍ صَافٍ نهلتُمُ العلمَ؟. ومن أي فُرقَانٍ تلَقَيتُم الفهْمَ. أنتم حَجَرُ عَثْرَةٍ في طَرِيقِنا، ورَدمُ ذي القَرنَين أمَامَنا. اتْعَبتُمُونا.. لا أنتُم بالذين مَحَقَهُم عَذَابُنا، ولا نحن بالذين تَغشَانا نُورُكُم. الحَرْبُ سِجَالٌ بَينَنا.. نحن نَكسَبُ المَعْرَكةَ تِلْوَ المَعرَكةِ. وكَمْ نخشى أن تَكسَبُوا أنْتُمُ الحَرْبَ؟.
أبو الحسنين محسن معيض