حينما اندلعت الحرب بين الحوثيين والسلفيين في دماج كنت قد كتبت مقالاً بعنوان ( دماج المؤامرة ) ونشرته في موقع التغيير نت , تحدثت فيه عن أن ما يحدث في دماج عبارة عن مؤامرة تستهدف الثورة اليمنية من خلال جر حزب الاصلاح الى الدخول في مواجهات مع الحوثيين ما يدفعهم الى الانسحاب من مؤتمر الحوار الوطني وإفشاله بل وإفشال العملية السياسية برمتها والعودة بالوضع الى ما قبل 2011م وحينما قلت انها تستهدف الاصلاح ليس لأنه أكبر حزب سياسي اسلامي ولكن لأن الكثير من الاعلاميين والكتاب ( أغلبيتهم من اتباع نظام ولي الامر السابق ) أطلقوا العنان لألسنتهم وأقلامهم لدعوة الاصلاح لنصرة المظلومين في دماج وأنه هو الأقدر على مواجهة الحوثيين وإيقاف إجرامهم والأكثر خبرة بهم , وبعضهم أستشهد بموقف الاصلاح من حرب الانفصال ,بل تحدث البعض عن دماج بصفتها خط الدفاع الأول عن السنة وسقوطها أمام الحوثيين يعني سقوط اليمن كاملاً بيد الحوثيين وبالتالي ستصبح اليمن دولة حوثيية شيعية , وقلت إن هذه المؤامرة تقف خلفها أطراف اقليمية وتنفذها أطراف محلية بعضها تضرر من التغيير مثل "علي عفاش وأنصاره " والحوثيون الذين ينفذون مخططات إقليمية تسعى لاستعادة امبراطوريتها المجوسية التي هدمها المسلمون الاوائل , وأشرت حينها الى السلفيين كأداة لتنفيذ المؤامرة ربما بطريقة غير مباشرة أو بدون إرادة منهم حيث يتم إستدراجهم نتيجةً لسذاجة فهمهم للدين حيث أغلقوا على أنفسهم منطقة دماج وعزلوا أنفسهم عن العالم وتفرغوا لحفظ الأحاديث وإصدار فتاوى التكفير والتفسيق بحق مخالفيهم وحرموا الخوض في الجانب السياسي على غير الطغاة والمستبدون كونهم ولاة أمر طاعتهم مربوطة بطاعة الله , وحصروا قضايا الاسلام في التصوير والتلفاز واللحية والبنطال وألفوا لنا كتباً في أشياء ليس لها علاقة بالإسلام كـ " الصواعق في تحريم الاكل بالملاعق " , وعقولهم المنغلقة والتي لازالت ترفض فكرة كروية الأرض في الوقت الذي وصل العالم الى المريخ , حتى ظنوا أنهم مركز الكون ولولا كتبهم وفتاواهم لاندثرت الحياة ولاختفى الاسلام من حياة المسلمين
لكن تطور أحداث دماج من بداية الحصار الى القتال الى تحرك القبائل لنصرة دماج في كتاف وحاشد وحوث وخيوان وأرحب وصولاً الى توقيع الاتفاق وخروجهم من دماج , كلها تؤشر بما لا يدع مجالاً للشك بأن السلفيين طرف في مؤامرة دماج مثلهم مثل الحوثيين وأنهم لم يكونوا ضحية سذاجتهم وتبعيتهم للمخابرات الاشقاء بينما كان الضحية هم أبنا دماج الذين احتضنوا السلفيين طيلة ثلاثين عاماً ولم يكونوا يعلموا أن دخول السلفيين الى دماج عبارة عن مؤامرة حولت حياتهم جحيماً ولم يكونوا يعلموا ايضاً انه سيأتي يوم يتخلى الشيخ الحجوري عنهم لينجوا بنفسه .
وعندما لم تحقق الحرب أهدافها جاءت التعليمات للسلفيين بالخروج من دماج وتحميل مسؤولية خروجهم الرئيس واتهامه بتهديدهم بالقصف إن لم يخرجوا لإحراجه أمام الشعب .
*وما يؤكد تآمر السلفيين مع الحوثيين في قضية دماج الأتي :
- اولاً : لماذا طيلة الحروب الست التي دارت بين الجيش والحوثيون لم يقم الحوثيون بمحاربة السلفيين فقد كانت الظروف في صالحهم حيث أن الدولة منعت اي تواصل بين صعدة وخارجها والحرب قائمة على الارض , ولماذا لم يشعر الحوثيون بخطر السلفيين الا الان , ولو أراد الحوثيون اقتحام دماج لما احتاجوا أن يحاصروها مدة 80 يوماً , لأن السلفيين ليسوا الا طلاب علم ولم يكونوا مدربين على استخدام السلاح وبالتالي يستطيع الحوثيون اقتحام دماج خلال ساعات إذا أرادوا ذلك
- ثانياً : رفض الشيخ الحجوري لنصيحة وزير الدفاع بتسليم أحد المواقع للحوثيين (الذي كان سبب الخلاف) واسقاط الذريعة التي قد يتخذها الحوثيون مبرراً لإفشال الحوار الوطني حيث كان رد الشيخ الحجوري بقوله "على جثثنا" فاذا كان مستعداً للموت كما قال لماذا وقع على اتفاق وقف اطلاق النار وخرج من دماج بعدما سالت الدماء وسقط الشهداء
- ثالثاً : المناشدات التي أطلقها السلفيون لحزب الاصلاح لفك الحصار عن دماج ونصرة المظلومين وعندما لم يستجب الاصلاح لتلك النداءات المشبوهة , تحول النداء للجيش للتدخل وعندنا لم يتدخل الجيش في الحرب كطرف تم اتهام الرئيس لاحقاً بعدم حمايتهم وقد كتب أحد السلفيين يقول : شعار أهل دماج "ولي أمر لا يحميني أدعسه بجزمتى "
- رابعاً : عندما تحركت القبائل لفك الحصار عن دماج وفتحت عدة جبهات مع الحوثيين وبدأ الحوثيون يتكبدون الخسائر سارع السلفيون لتسليم جبهة كتاف دون التنسيق مع القبائل المقاتلة مما أفقدهم الثقة بالسلفيين ومدى مصداقيتهم .
- خامساً : عندما تحركت اللجنة الرئاسية لإيقاف الحرب في دماج بطلب من الطرفين بحيث يتسلم الجيش مواقع الطرفين , أعلن الشيخ الحجوري خروجه مع طلابه من دماج وبرسالة وجهها بنفسه للجنة الوساطة حيث تحدث في رسالته عن أن ما يجري فتنة والفتنة أشد من القتل وقال " السعيد لمن جنب الفتن " والسؤال لماذا لم يفهم الحجوري أنها فتنة منذ البداية ؟ وما عرف أنها فتنة الا بعد سقوط القتلى واحتدام المعارك في اكثر من ست جبهات ؟ لماذا رفض الشيخ الحجوري إيقاف الحرب في البداية وبعدها قرر الخروج نهائياً من دماج ؟
أم أن فهمه للفتنة كما فهمها اصحابه في مصر حينما خرجوا ضد الريس المنتخب وموافقتهم على الانقلاب عليه درءً للفتنة ومنعاً للحرب الاهلية كما قالوا بينما قتل اكثر من 6000 شاب واعتقال الالاف ليس فتنة ولا حرب أهلية .
- سادساً : اتهام السلفيين للثورة صراحة بأنها سبب تهجيرهم
حيث تحدث السلفيين عن خروجهم من دماج طاعة لولي الأمر الذي لم يستطع حمايتهم , وإطلاق التهم للأحزاب التي لم تنتصر للمظلومين بل تحدث بعضهم عن أن ما حدث لم يكن ليحدث أيام علي عبدالله صالح (ولي أمرهم سابقاً ) الذي أفتوا له بقتل الثوار حرق الاعتصامات وتحدث أخر بقوله : أن المشكلة ليس في الرئيس عبده ربه وإنما في الذين أوصلوه الى منصب الرئيس ويقصد الثوار, و كتب مفسبك أخرأن الثورة جلبت الدمار للسلفيين ,وهذا مفسبك اخر يقول " أتعس ثورة في العالم ثورة 11 فبراير قبحت من ثورة" وهذا ما يؤكد عداءهم لكل ما يمت للثورة بصلة وأمانيهم في عودة الماضي .
- اخيراً : لم يكن رفض السلطة المحلية في الحديدة دخول الشيخ الحجوري وطلابه الى المدينة الا كي لا تتحول مدينة الحديدة المسالمة بطيبة أبنائها وبساطتهم الى دماج أخرى بفتاوى الشيخ الحجوري .