مما لا شك فيه أن المتابع المهتم بالوضع السياسي في اليمن وإرهاصـاته المتسارعة
والتي إنعكست على مختلف المجالات الأخرى يستنتــج من خلال قـراءة إنموذجيـة
فاحصة داخلية وخارجية الوضع السياسي اليمني وما يشهـده من حراك تقليـدي يُعبـر
عن قتامة المشهـد للوضع العـام على مساحة الوطن كتعبيـر واقعي للمشهـد الحـاضر
المُلبـد بالأحداث اليومية المصاحبة للوضع السياسي وما يرافقها من مواقف تتسم في
غالبيتها بالسلبية والتي تنعكس أثـارها المؤلمة على المواطن حياتياً وإقتصــادياً وأمنينـاً
وعلى الوطن سيادة ووحدة وإستقلال وفي ذروتها التنكر للهوية وترشيد الحس الوطني
في قُدسية حيث الحاضر ممثـل بحراكه السيـاسي أنعكـاس لحضور القوى المتصارعة
على أساس المثلث السلطوي " حزبي , طائفي , قبلي " حاضـراً في المشهد السيـاسي
تدعمه الفتـوى الدينية وتوالية المكونات المليشـاوية بتصنيفاتها المختـلفة ومنها العسكرية
حضور المشهد السياسي في اليمن الأكثر قتامتة الأن يتمثـل بالقوى المصطلح عليها لفظاً
بالسياسية " الأحـزاب " وإذرعتهـا الدينية والقبليـة حيث الأحزاب في اليمن على عكـس
الأحزاب في الدول الأخرى وإن كانت تحمل " أسفــاراً " تنظيرية كالقومية أوالإسلامية
واليسارية إلا أن القبيـلة والفتـوى الدينية تُعـد مرجعية أسـاس في تكوينهـا وبل أن القبيـلة
تمارسة حكومة ظل لأي حزب أو تنظيم يصل إلى السلطة ونيجة للصراع المستمر بين
هذه القوى على السلطة تارة وأخرى التوافق والشراكة والمحاصصة وجِد الفراع الكبير
في حضور الدولة بمعناهـا الوطني مما أدى إلى صعود تيارات أخرى وجدت في صراع
القوى التقليدية أرضية خصبة لحضورها الفاعل ونشر فكرها وأهمهـا هذه القوى الصاعدة
والأكثر خطر على حاضر اليمن ومستقبل أمنه وسيادته ووحدته " الحركة الحـوثية " ذات
الفكر الطائفـي " الحِـراك الجنوبي " ذو التوجه الإنفصـالي هذان التيـاران وما يحملان من
توجهـات فكرية ونزعات إستقلالية أصبحا حاضران وبقوة في المشهد اليساسي الراهن بل
هما الأن من يقودان الصراع على السلطة مع القـوى التقليــدية المغادرة لفظـاً للسلطة عبر
الثورة السلمية الشبابية وهى ذاتها قيادة الثورة التي قبلت التوافق على تناصف الكراسي في
عملية إنتهـازية بعيـــداً عن مصلحة الوطن والحفاظ على سيادته وإستقــلال قراره السياسي
ولان هذه القوى التقليـدية ظلت تمارس العُهـر السياسي واللعب على الشعب اليمني بشعارات
كرتونية أساسها العُرف بديل للقانون وظل القبيلة وصوتها يعلو على صوت الحداثة والمدنية
نتــاج طبيعي أن يكون المشهد السيــاسي الحاضر غير مستوعب لعملية التغييـر بمفهومه العام
كسلوك حضاري مدني بل رافض للتعيير الحداثي المتعارض مع مصالحه وهنا لم يكن أمام
هذه القوى التقليدية إلأ الهـروب إلى الأمام والقبول بأنصاف الحلول وأخماس الحقائق كي تظل
في السلطة دون أدنى حضور للحس الوطني وما يتعرض له الوطن جراء خياناتهم وتأمر القوى
" القوى الصاعدة وهذا بدوره أدى مع الأسف إلى إنقسام المؤسسة العسكرية والأمنية " ضد ومع
وبالتالي أصبحت عقيدة الجُندي ولائية أكثر منها وطنية قتالية خاصة بعد تسريح وتصفية الجيش
الجنوبي سابقاً والذي كان بحق يمتلك كل مقومات وصفات العسكرية والقيادة الوطنيـة الحقيقية
إذا نستطيع القول هنا أن كل أدوات الصراع القبلي التقليدي والفكر الإيدلوجي هى التي ترحلت
منذُ العام 1994 م وحتى العام 2011م هى ذاتها التي تُـدير الحاضر وحراكه السيــاسي الهش
وما رافقة من حروب عبثية حزبية في الشمال وفيد وغنيمة في الجنوب وبالتالي ونظراً لفشــل
هذه القوى مجتمعة في إدارة المرحلة برؤية وطنية يكون فيها الوطن وسيادته ومستقبله حاضراً
في الضمير والنوايا هذا الفشـل إدى بكل القوى المتصارعة إلى الإنبطاح أمام التدخل الإقليمي
والخارجي وقبول المبادرات " المتـأبطة شراً " لليمن كل هذا الواقع أوصل اليمن إلى مرحلة
اللأ دولة بحيث صارت تُحكم عبر المبادرات والقرارات الأممية التى تنتقص من حق السيــادة
ومن هذا المُنطلق فالحاضر برؤيتة القاتمة وهى الحقيقـة وإن كانت مزعجة للقوى الإنتهـازية
يتمثل باللا دولة والبديل الحاضر هو الصراع على السلطة بين القوى التقليدية المتوافقة نظــام
سابق ومعارضة ركبت موكب الثورة , حــركة حوثية طائفية تتوسع من خلال فوهة البنــدقية
هدفهـا القادم والرئيسي هو العاصمة والمسارعة بتشكيل الحرس الثــوري بصبغة جمهـورية
الحراك الجنوبي بكل منطلقاته الفكرية واخطرها فعل وحضور في المشهد التوجه الإنفصالي
المدعوم اقليمـاً وخارجياً والذي من اهم اهدافه الشيطانية طمس الهوية وجـذع أنف الإنتمـــاء ؟
حضور الصراع المذهبي في المشهد بين التيارات الدينية " قاعدة , سلف , حركية " واخواتها
التطـرف المناطقي لا يقل اهمية في حضوره وفعله السلبي في الحراك الثقافي والإجتمــاعي
تصاعد دور القبيلة والعُـرف التقليــدي على حساب قوى الحداثة والمدنية والمرجعية القانونية
ضعف مؤسسة الرئاسة وخضوع قرارها السياسي للقوى الأقليمية والخارجية إدى إلى إفراع
دور بقية مؤسسات الدولة كالسلطة التشريعية والقضائية وبالتــالي كانت الوصاية هى البـديل
ونتاج طبيعي في ظل الوصاية الخارجية أن يكون الحوار موجه بحسب الأجندات والمصالح
وهذا الحال فرض نفسه على المؤسسة الأمنية والعسكرية وجعل منها محكومة بمخـرجات
القوى المتصارعة واللاعبة في المشهد الحاضر لليمن فكان الإنفلات الأمني نتيجة فعل السبب
هذا هو المشهد اليمني الحاضر والإعتراف به كحقيقة لا يعني التسليم بديمومة واقعه السلبي
فالشعب اليمني بكل قواة الحية هو الشعب الذي يصنع التأريخ ويكتب أحداثه بل هو الشعب
الذي يتعرف بأخطائة ويرسم آفاق المستقبل من خلالها الدروس في مسار النهوض والتقـدم
على مر الحُقب التأريخية فيتجـاوز بالسفين منحدرات السلب إلى شواطئ الإيجاب وعليـه
فأن المستقبل بآفـاقه الحضارية سيكون إيجابي بكل ما تعني الكلمة من معنى في حال إتفـق
الجميع خارج " جمهـورية موفمبيك " وداخلها على مشروع الوطن الحضاري الوحدوي
ومغادرة قارب الفيـدرالية المخترع من قبل الساسة الصهيوامريكان والمستورد عبر وكيلهم
الخصري في المنطقة السيد / جمال بن عُمر بصفقة تجارية إقليمية هدفها تمزيق الوطن على
أساس دويلات كنتونية متعددة الولاءات . لكي ننطلق باليمن إلى آفاق المستقبل الجديد يجب
علينا نغادر الماضي بكل محطاته الصراعية من حقد وثـأر سياسي وإقصـاء وأستقوى وعنف
بل يجب على كل القوى التقليدية أن تؤمن بوطن إسمه اليمن وتحد من إرتفاع نسبة التضخم
في التأمر والإرتهـان لأعداء اليمن وتكف أياديها الشـائلة من التسولة على أبوب القصــور
النفطية وتعمل بجدية على ترشيد اللهث حلف كراسي السلطة وإتاحة الفرصة أمام الكفاءات
الوطنية الصاعدة والقـادر على التعامل مع التغييـر بسلوك حضـاري ورؤية وطنية حداثيـة
تلبي الطموح الوطني في مواكبة البنـاء والتقدم بمفهومه المدني والولوج باليمن إلى آفــاق
المستقبل الضامن لإرسـاء الحرية والعدالة الإجتماعية وتحديد شكل النظام السياسي على
أساس مدني ديمقـراطي ورؤية ثاقبة لقــراءة الأحداث والمتغيرات والتعامل معها بوعـي
وإدارك فنحن اليمنيون لدينا موروث سياسي وثقافي جدير بأن نفعله في الواقع ونجسد
مضامينه في كل مجالات الحياة بل أن لدينا تجارب سياسية ناجحة كالحركة التصحيحية
والجمعيات التعاونية . المستقبل مرهون بقبــول القوى التقليدية الإعتـراف بالامر الواقع
والتعامل مع المستقبل على أساس وطني ما لم فالإنهيـار سيجرف الجميــع إلى الجحيم
إلا أن اليمن سيبقـى وإن كانت جراحه عميقة . نأمل بمستقبل حالٍ من كل الفيــروسات
البشرية الطائفية والسلطوية والسرطانات الأقليمية والعلوج الخارجية مستقبل يحمل معه
للأجيال القادمة قدسية الإنتماء للوطن ويجسد مشروع الحب والإخـاء والبنـاء والإستقرار
بعيداً عن مشـاريع السيد , الزعيم , القبيلة , المُرشـد , أبا رغال , ومشروع العم فيدرالي
سيبـــقى اليمن