علماء السلطان ومسلسل النفاق

2014/01/09 الساعة 10:45 مساءً

ظهر النفاق مع تأسيس الدولة الاسلامية في المدينة المنورة حيث كان البعض يتظاهر بالإسلامإما خوفاً على نفسه أو من أجل تحقيق مكاسب شخصية ولكنه يبطن الكفر ويعمل ضد الاسلام والمسلمين , ظهر النفاق جلياً في غزوة أحد حينما عاد عبدالله بن ابي بثلث الجيش من الطريق وتكررت الحوادث التي قام بها المنافقون في العديد من المواقع كما حدث في ( المريسيع ) حينما تحدث زعيم المنافقين عبدالله بن أبي ابن سلول عن إخراج المهاجرين من المدينة بقوله " لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل "وحادثة الافك في غزوة بني المصطلق التي طعنت في عرض النبي صلى الله عليه وسلم .

استمرالنفاق كمنهج وسلوك عبر تاريخ الدولة الإسلامية بل تطور في آلياته ووسائله في العمل حتى وصل المنافقون الى مراكز اتخاذ القرار وأصبحوا مستشارين ووزراء لبعض الخلفاء وكانوا أداة لهدم الدولة الاسلامية وسيطرة الاعداء عليها بل تطور النفاق ولم يعد بسذاجته التي كانت في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم التي عرف بـ إظهار الاسلام وإخفاء الكفر فقط بل أصبح اليوم نفاقاً دينياً وسياسياً واجتماعياً ولم يعد ظاهرة شخصية بل تحول الى منهج يسير عليه فئة من المتلبسين بلباس الدينوالمتظاهرين بالتعبد والتقى أمام الناس وان كان المنافقون قد بنوا مسجداً ضراراً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم الا اننا نرى اليوم مؤسسات ضرار دينية واجتماعية وسياسية.

حينما حدث الصدام بين العلماء والسلاطين في عهد الامام أحمد بن حنبلبما سمي بفتنة خلق القران التي وقف الامام في وجه السلاطين وعلماءهم رغم تعرضه للسجن والتعذيب , وما تلاه من صراعات بين علماء السلطان والعلماء الربانيين تنبه السلاطين الى خطر هؤلاء العلماء المخلصين على الاستبداد والمستبدين فعملوا على إنشاء مؤسسات دينية تعمل على تخريج شخصيات معممة  خادعة للناس قادرة على لي الاحكام الشرعية وتطويعها لخدمة الاستبداد والمستبدين , صار النفاق منهجاً رسمياً تسنده مؤسسات دينية كانت رائدة في خدمة الاسلام والمسلمين يوماً ما, وأصبح تياراً له أنصاره وأتباعه , يستدعيهم المستبدون اذا أرادوا تمرير جريمة بحق الناس, تجدهم يصدرون الفتاوى بما يتناسب مع المواقف السياسية للحكام وحشر أدلة من القران والسنة ليس لها أي علاقة بما يتحدثون عنه , فقد افتوا بحرمة الخروج على ولي الأمر في تونس ومصر وجعلوها واجبة في ليبيا وسوريا مع أن منهج الحكام واحد في البلدان الأربع , افتوا بأن المظاهرات المطالبة بالحرية تمنع ذكر الله وتلهي عن الصلوات ولم يتحدثوا عن التجمهر في ملاعب كرة القدم وسباق ملكة جمال الماعز ومهرجانات الهجن والقمار .

فقد ظهرت هيئات رسمية تسوق الناس بالقوة الى المساجد باسم الأمر بالمعروف وتصادر حريتهم  باسم النهي عن المنكر مع ان السيرة النبوية لم تحكي يوماً أن رسول الله أجبر أحداً على دخول المسجد , وبرزت مؤسسات فتوى تحشر نفسها في كل صغيرة وكبيرة حتى ما تركه الشرع رحمة بالمسلمينلكن هذه المؤسسات تخرس عند الحديث عن قضايا الاسلام المصيرية وتدنيس المقدسات وسفك دماء المسلمين وهتك أعراضهم , يقرأ بعضهم آيات الحيض والرضاعة فيخشع ويبكي حتى تغسل دموعه لحيته ويحشرج صوته حد الاختناق , لكنك تجده يجهر بأعلى صوته وينقلب لونه وتنتفخ أوداجه حينما يفتي بقتل من يخالفه الرأي وكأنه قائداً عسكرياً يدفع جيشه لمواجهة العدو , ظهر علماء يفتون بمنع المرأة من قيادة السيارة لأن تحريك مقابض تبديل السرعة تثير الشهوة بينما يبيحون خروج المرأة مع سائق أجنبي في أي وقت , بل سمعنا من أفتى عن رضاعة الكبار لإزالة شبهات الخلوة بين السكرتيرة والمدير,وفيالوقتالذيأصدرعلماءفلسطينفتوىبتحريمزيارةالاقصىلغيرالفلسطينيينفيظلالاحتلالوأجمع عليها علماء العالم الاسلامي لانها تشرعن الاحتلال اليهودي , فقد ذهب بعضهم وبتأشيرة من اليهود ليتصور وهو يمسك بمربط البراق في الأقصى ويقدم لليهود اعترافاً مجانياً بأحقيتهم  في أرض فلسطين والأقصى .

كان الربيع العربي بمثابة الزلزال الذي أظهر التمايز بين العلماء الربانيين وعلماء السلطة والمنافقين والمنتفعين وعاشقي الشهرة فقد تفاجأنا بسقوط أشخاص خدعنا بهم لسنوات , رأينا الواعظ الباكي (البوطي ) يشرعن للصفويين قتل الشعب السوري الأعزل وشاهدنا شيخ الأزهر يقف الى جوار بابا الأقباط داعماً ومؤيداً للانقلاب على الرئيس المنتخب ورأينا قادة حزب النور الذين صدعوا رؤوسنا بحديث " وإن جلد ظهرك " أيام مبارك يخرجون في صف المسيحيين والعلمانيين والعسكر ضد الرئيس الاسلاميويشاركون مع الراقصات والشواذ في تعديل الدستور الذي وضعه المفكرون والعلماء وفقهاء القانون وكتابة دستور ينزع الهوية الاسلامية عن مصر بل انطلقوا في حملات للترويج له , وسمعنا علي جمعة صاحب صورة ( مربط البراق ) يحرض الشرطة والجيش على قتل الاخوان المسلمين ويصفهم بالخوارج  بقولة ( اضرب بالمليان . طوبى لمن قتلهم وقتلوه ) وقرأنا تصريحات القارئ العفاسي وهو يتهم ضحايا مجازر الجيش المصري بان من أخرجهم هو من قتلهم , ويحرض على حركة حماس , وغيرهم الكثير الكثير من رموز النفاق .

يقول الدكتور علي العمري :

" إنهميقلبونالأدلةحسبمزاجالشارعوالسلطة،لاحسبمبادئالإسلاموقواعدالشريعةالراسية.فأنتتعجبمنصمتمطبقكالقبورلبعضالشيوخفيكلفواجعالأمة،ثمتجدهمفجأةاستيقظواورصواالأدلةضدحاكم،أوفصيلإسلامي،أوشخصياتعلميةشرعيةمعتبرة. ولايجدونغضاضةفيحشدمااستطاعوامنأدلةلرأيهموانتقاصمخالفيهموالتشفيمنهم،فإذادارتدائرةأخرىحولهمقلبواالأدلةوحركواأدواتالفهمتأويلاًوخنقًالروحالنص!وهملمنتأمللايظهرونولاينطقونإلافيحالين: إنحامحولهممايقلبمزاجهم،أوزالمايعكرصفورأيهم.

ورحماللهابنالمباركوهويقولعنأمثالهؤلاءالمتمشيخين:وهلأفسدالدينإلاالملوكوأحبارالسوءورهبانهاوالسؤالالغريب: لماذالايظهرهؤلاءالشيوخإلافيحالاتمحددة،ثميبيتونعنأحداثأخطروأكثرأهمية. فهلياترىهممنيتحركحسبظروفهمأومصالحهم،أمحسبمايُملىعليهم ."؟

ثم يجيب الدكتور العمري على التساؤل بقوله :

" إنظاهرةالتحولقدتكونعندبعضالشيوخوالطيبينبسببأزماتخاصةيمرونبها،ومجتمعاتجديدةأحاطتبهمعلىالمستوىالرسميوالاجتماعيأدتبهمللتحولالبعيدعنالواقعوالموضوعية،وقلةمنهمعنعجلةقبيحة،واستعلاءوفخر،أوتحرششيطانيعلىإخوةلهوأنصار،وهؤلاءرغمإدانةفعلهمإلاأنسرعةتقلبهمتعرفالجمهوربهمبسرعة!وبالعمومفإنهبحكمقدرةهؤلاءالشيوخعلىتكييفأصولالفقه،واستثمارالخطابالشرعيالذيبثوهللجمهورالعريض،وإدراكمصالحهمبلوحتىأحيانًامكتسباتهمالإسلاميةعبرمؤسساتهمالتييديرونهافإنهميقرأونمستقبلهمعلىحساببعضالكلماتوالفتاوىالتيتعبربدونأدنىشكعنغايةمالمنيَحسبونلهمحسابًا!ومالميُقررهؤلاءالشيوخأنيستمعوا ( لعدةأصوات) قريبةوبعيدةتتحلىبفقهالشريعةوفقهالسياسيةفإناسنسمعمنهمومنتلاميذهمومنانطبقتعليهالظاهرةمالمنسمعهمناليهودومشركيقريش!"

الغريب ليس موقف هؤلاء فقد وجد النفاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أن نجد من يبرر لهؤلاء نفاقهم بحجة " اجتهد فأخطأ - عدم وضوح الرؤية عنده - له رأيه - كبوة حصان ", بل تجد البعض يقف في وجهك حينما تتحدث عن نفاق هؤلاء وفسادهم واجرامهم بحجة أن لحوم العلماء مسمومة , وهذه احدى نكبات الامة وهي تقديس الاشخاص ومحاولة ايجاد العذر أو المبرر لما يقترفوه بحق الامة , فإننيأقول إنه حينما تصبح الأمور صراع بائن بين الحق والباطل يفهمها الصغير والكبير فلا مجال للحديث عن عدم وضوح الرؤية عند من يتحدثون باسم الدين لانهم اكثر الناس تمييزاً وحينما تسيل الدماء من طرف أعزل فإنه لا يحق الاجتهاد لان الاجتهاد يكون في المسائل الفقهية الملتبسة  التي لا نصوص فيها اما ان ينحصر الامر بين معتدي ومعتدى عليه فإن الامر واضح  , ويصبح الوقوف مع القتلة والمجرمين  ليس مجرد رأي إنما هو مشاركة فيه تجعلهم أكثر إجراماً من القتلة أنفسهم ويصبحوا المسؤولين الاساسيين عن ما يحدث , اي حصانة يتمتع بها هؤلاء وهم يفسدون الدين والدنيا بفتاواهم

يا هؤلاء اي علماء أولئك الذينيدمعونتصوفًاوشوقًاللرسولصلىاللهعليهوسلم،ثميُكتشفمنالمواقفالعلنيةومايتبعهامنفضائحلائحةعلاقتهمبالاستخباراتالغربيةوالتعاونمعأصحابالقلنسواتالصهيونية!وآخرونمنأصحابالثيابالقصيرةواللحىالطويلةمردواعلىالنفاقوباسمالإسلامزعموايحافظونعلىالشريعةولايجدونمدخلاًللفاجرولاحرجاًمعالقاتلوالعاهر والشاذ والراقصة إلاأنيضعوايدهمفييده: ليحافظواعلىشريعةالله بزعمهم ،وقدنقضوابفعلهمعهدهموميثاقهممعالله

أبعدكلهذالايحقللمجتمعالحر،والشبابالواعي،والأمةاليقظة،أنتفرزمواقفالشيوخوالوعاظوالقراءبكلمسمياتهموتشكلاتهمومصالحهمالذينأصابوهافيمقتليوماحتاجتلهم؟أبعدكلهذايكونالجانيهومنأغلظعليهمالقول،وفضحهم وأظهر نفاقهم وفسادهم ومتاجرتهم بدين الله على حساب قضايا الاسلام والمسلمين .