تؤكد التجربة التاريخية أن شعب الجنوب يتقدم على قيادته، فإذا كانت الروح قد عادت الى الجسد الجنوبي في 13 يناير 2006م، وتوجدت بإعلان عن الإنطلاقة الوطنية التي باركتها السماء قبل الأرض في 7 يوليو 2007م، فقد حان الوقت يا أبناء الجنوب الأحرار لعودة الوعي لعقل الأنسان الجنوبي بعد طول غياب، خصوصاً والجنوب والجنوبيين ليسوا بحاجة ماسة الى الوحدة الوطنية كضرورة وطنية قصوى ترتكز على مجموعة قواعد من القيم والمبادئ النبيلة، تـهدف الى أحداث نقلة نوعية في إطار الحركة الوطنية الجنوبية فكرياً وسياسياً وتنظيماً، على أن يتحمل مسؤولية ذلك المؤهلين من الاكاديميين والسياسيين ذو الخبرة والتجربة، كالسيد عبدالرحمن الجفري وغيره، والدفع الى أعمال العقل وإيقاظ الروح، أيماناً منا أن التحولايات الأساسية في مجتمعنا وثورتنا على المحتل الأجنبي، ثم المحتل الداخلي والتسلط والقتل الذي يـمورس ضد شعبنا تبدأ مقاومته بالأفكار، بإعتبار القيم والمبادئ وقوتـها تكمن في مدى الصبر والأيمان والثبات فحسب، بل شعبنا وحراكه الوطني بـحاجة الى الحكمة والحكماء، والعقل والعقلاء، لترتيب وترشيد نضالنا الوطني السلمي لتفادي الخلافات الذاتية المناطقية التي عصفت بنا في ماضينا ومازالت آثارها عالقة فينا، عندئذ نقول لقيادات الحراك ولقيادات المـجلس العسكري للمتقاعدين الجنوبيين قسراً.. الأحداث جارية وسريعة كالصاروخ والتغيير مستمر على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي على قدم وساق.. سيدفع كل من أساء الفهم أو تأخر عن الفهم أو إمتنع عن الفهم الثمن غالياً عندما يرى نفسه طرفاً مفعولاً به.
وفي ذات السياق نقول أيضاً أن الذين إرتكبوا جرائم القتل مع سبق الإصرار والترصد في حق أبناء الجنوب وثم سلبوا الأرض والتاريخ لايفهمون شيئاً عن التاريخ والواقع، ولايدركون مثل غيرهم يذهبون بغير رجعة الى مزبلة التاريخ، وماهي الا أيام أوفترة قصيرة حتى يتجلى الموقف، ولن يـبق للرئيس اليمني المخلوع ذكر في التاريخ إلا من خلال جرائمه فقط، غادر الحكم ويداه ملطخة بدماء أبناء الجنوب والشمال.
لذلك، دعونا نحاول أن نتعرف على الفارق الجوهري بين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، وفق فهمنا المتواضع على النحو التالي:
1- إذا كانت الأحداث العاصفة التي إجتاحت صنعاء في 21 سبتمبر الماضي لم تـحركنا.. لم تـهز عقولنا ومشاعرنا، فإننا كجنوبيين وكقيادات في الداخل والخارج غير طبيعيين.. فلا نـحن قادرين بشجاعة على تأييد الرئيس عبدربه منصور هادي، رغم ماقدمه للقضية الجنوبية أكثر من أي قائد جنوبي - بغض النظر عن الإتفاق أو الإختلاف معه - خاصة وأنه الآن بين تقاطع النيران للأطراف المتصارعة في صنعاء.. ولا نـحن قادرون على التفاهم مع أنصار الله ونعتبرهم أهون الشرين، وكما يبدو لا زلنا في مرحلة لا يعنينا، وربنا يستر علينا.
2- هل نحن قادرون – كجوبيين- أن نفرق بين الحق والباطل.. بين من ظل في عهده يعز من يشاء ويذل من يشاء ويقتل من يشاء بدم بارد بأسم الوحدة أو الموت.. وبين من خرجت في عهده المسيرات المليونية وشهدها العالم كله، وفي نفس الوقت قامت الإعتصامات وتم بناء أكبر مخيم للإعتصام في تاريخ الجنوب في ساحة العروض في خورمكسر، واليوم أعلام الجنوب تزفزف فوق مرافق ومؤسسات ومدارس دولة الجنوب السابق، وقد تولى مسؤولية حراسة وحماية تلك الإعتصامات قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن محمود الصبيحي، بأمر من الرئيس عبدربه منصور هادي.
3- هل نحن قادرون – كجوبيين- أن نفرق بين الحق والباطل.. بين من صنع القاعدة في الجنوب وبالذات في أبين وشبوة، وبين من قاتل القاعدة وقضى عليها في تلك المناطق وغيرها ومازال يقاتلها، وشكل اللجان الشعبية للدفاع عن الأرض والعرض.
4- هل نحن قادرون – كجوبيين- أن بين من عمل على تسريح الجيش الجنوبي وقوامه أكثر من 60 الف، ورجال الأمن العام وعمال الجنوب من الخدمة العسكرية والمدنية بعد 7 يوليو 1994م.. وبين من أصدر القرارات الرئاسية الخاصة بعودة العسكريين الى الخدمة والعمل على تطبيق المساواة في الرتبة والراتب بين العسكريين الجنوبيين والشماليين.
5- يوجد فرق بين الثرى والثريا، بين من نـهب وسلب أرض الجنوب وحولها الى أرض مشاع بالكيلومترات لمشائخ كل العصور، أولئك الذين أغدق عليهم الرئيس السابق بالإمتيازات والمخصصات والرتب العسكرية، كما يستلموا معاشات من دول الخليج ولضباط الشركات ومالكي العقارات والقصور.. وبين من أصدر قرار جمهوري بتشكيل لجنة لإستعادة الأرض لأصحابـها.
صراع الجنوب التاريـخي ليس من الرئيس عبدربه منصور هادي ولا مع الاخوة الجنوبيين في صنعاء، وإنما صراعنا مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الذي حاول منذ 7 يوليو 1994مع حلفائه من القوى التقليدية المتنفذة الى تـجريد الجنوبيين من هويتهم التاريـخية وإنتمائهم الحضاري، وهو عدوان صريح وصارخ على حق الجنوبيين في الحفاظ على مقومهم الاساسي، واليوم أمام شعب الجنوب وطليعته الشبابية إمتحان تاريـخي وإستحقاق وطني هو تحقيق الوحدة الوطنية الجنوبية تحت قيادة موحدة .. فلا جنوب بدون الإتفاق والتوافق الوطني، ولا توافق وطني بدون الجنوب.