الرئيسية - تقارير - وثائق تثبت احتضان ودعم الإمارات آلية تجويع سكان غزة

وثائق تثبت احتضان ودعم الإمارات آلية تجويع سكان غزة

الساعة 06:04 صباحاً (هنا عدن : متابعات )

أثبتت وثائق مسربة، احتضان دولة الإمارات آلية تجويع سكان غزة عبر استضافة مقرا لمجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) في إمارة دبي وتقديم الدعم المالي والإعلامي والسياسي لخطط المجموعة ضد الفلسطينيين.

وقالت مصادر دبلوماسية إن انكشاف تورط مجموعة بوسطن الاستشارية في مشاريع مرتبطة بتوزيع مساعدات مشبوهة في غزة، والتي تحولت إلى وسيلة لإبادة المدنيين وتجويعهم، لم يكن ليتم دون بيئة آمنة وداعمة وفرتها الإمارات.



وبحسب المصادر فإنه منذ سنوات، حرصت أبوظبي على استقطاب كبريات شركات الاستشارات الغربية، وعلى رأسها BCG، ومنحتها الغطاء السياسي والتمويلي لتعمل بحرية في المنطقة.

دبي، التي تحتضن أحد أكبر مكاتب المجموعة في الشرق الأوسط، لم تكن مجرد موقع جغرافي عابر، بل مركز نفوذ للشركة ضمن استراتيجية إماراتية تستثمر في “اقتصاد النفوذ” عبر ربط نفسها بشبكات القرار الغربي.

وبذلك، تحولت الإمارات إلى قاعدة انطلاق لمشاريع تحمل طابعًا إنسانيًا في الشكل، لكنها في الجوهر أدوات ضغط سياسي وأمني على الشعب الفلسطيني.

من “مساعدات” إلى أداة قمع

أثبتت الوثائق والتقارير الإعلامية الغربية، من وول ستريت جورنال وفايننشال تايمز، أن مبادرة “مؤسسة غزة الإنسانية” التي أطلقتها مجموعة بوسطن بدعم إسرائيلي، تحولت إلى كمين دموي أدى إلى مقتل مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الطعام.

هذا السيناريو لم يكن ليجد طريقه إلى التنفيذ لولا الغطاء الإماراتي، حيث لعبت أبوظبي دور الحاضنة التي وفرت التمويل، والغطاء الإعلامي، وشرعية العمل من قلب عاصمة تجارية كبرى مثل دبي.

ولطالما قدمت الإمارات نفسها كـ”مركز للعمل الإنساني” في المنطقة، بينما في الواقع تحولت مشاريعها إلى أدوات تطبيع وتواطؤ مع أجندات الاحتلال.

إذ لم يكن اختيار دبي كمقر إقليمي للمجموعة بريئًا، بل جزءًا من استراتيجية أوسع لتطويع المؤسسات الدولية والشركات الكبرى لصالح تحالف إماراتي-إسرائيلي متين.

حياد كاذب وتواطؤ صريح

حين واجهت مجموعة بوسطن الغضب الداخلي والخارجي، حاولت تبرير مشاركتها بأنها “سوء تصرف فردي”. لكن هذا التبرير سقط أمام الحقائق: وجود اجتماعات رسمية في دبي، حيث تدخل الرئيس التنفيذي كريستوف شفايتزر بنفسه، ليواجه موجة استقالات وغضب الموظفين.

اللافت أن الاجتماع في دبي تحوّل إلى مسرح فضح العلاقة بين الإمارات وهذه المخططات. فعندما وصف أحد الموظفين إسرائيل بأنها “نظام إبادة جماعية”، لم يجرؤ الرئيس التنفيذي على تأييد الوصف، بل تراجع بقول إن “الإبادة كلمة كبيرة”.

هنا يظهر بوضوح أثر البيئة الإماراتية: سياسة الحياد الزائف التي تروّج لها أبوظبي ليست إلا ستارًا لحماية مصالحها مع إسرائيل، وضمان استمرار هذه المشاريع.

شبكة مصالح إماراتية – إسرائيلية

الدور الإماراتي في دعم مجموعة بوسطن ليس منفصلاً عن مسار التطبيع العلني مع إسرائيل منذ اتفاقيات أبراهام عام 2020.

فالإمارات لم تكتفِ بتعزيز التعاون الأمني والتجاري، بل مضت أبعد من ذلك في توفير واجهات “إنسانية” لمشاريع تنفذ على حساب الفلسطينيين.

واستضافة مكاتب BCG في دبي وأبوظبي ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل وسيلة لبناء شبكة نفوذ بين النخب المالية والسياسية الغربية. وعندما تورطت المجموعة في إعداد نماذج مالية لإعادة إعمار غزة تتضمن “خيار الترحيل الطوعي للفلسطينيين”، فإن الدور الإماراتي في توفير الغطاء لهذا العمل يصبح جريمة شراكة في التطهير العرقي.

الغضب من الداخل: انقسام داخل الشركة

الفضيحة التي ضربت مجموعة بوسطن فجرت نقاشات داخلية واسعة بين موظفيها، خصوصًا في مكاتبها بالشرق الأوسط. وقد كشفت تقارير أن موظفين غادروا قاعة اجتماع في دبي احتجاجًا على تصريحات الرئيس التنفيذي، بينما عبّر آخرون عن شعورهم بالخجل والخذلان.

هذا الغضب يفضح هشاشة “المشروع الإنساني” الذي روجت له الإمارات عبر استضافة مثل هذه الشركات. فبينما يروّج الإعلام الإماراتي لصورة بلاده كـ”مركز للسلام”، كان الواقع يشي بارتباطها بمخططات تمس جوهر القضية الفلسطينية، وتحول المساعدات إلى فخ دموي.

واحتضان الإمارات لمجموعة بوسطن الاستشارية يعكس طبيعة سياستها الخارجية التي توازن بين صورتها كحليف غربي نموذجي، ودورها كوكيل إقليمي يسهّل تنفيذ مشاريع قذرة.

فهي تراهن على مراكمة رأس المال السياسي والاقتصادي عبر علاقاتها مع إسرائيل والشركات الأميركية، حتى لو كان الثمن تجويع الفلسطينيين وتشريدهم.

ففي الوقت الذي يواجه فيه قطاع غزة أسوأ كارثة إنسانية منذ عقود، تلعب أبوظبي دورًا محوريًا في إضفاء الشرعية على مبادرات مشبوهة، بل وتفتح أراضيها ومؤسساتها لاستقبال مشاريع تعزز حصار غزة بدلاً من رفعه.

كما أن احتضان الإمارات لهذه المجموعة ليس عملاً اقتصادياً بريئاً، بل خطوة متعمدة لشرعنة مخططات التطهير العرقي وتجويع الفلسطينيين، وتحويل أراضيها إلى منصة لتمرير سياسات استعمارية جديدة.