الرئيسية - منوعات - هل تصبح برامج تلفزيون الواقع وسيلة جديدة لمنح الإقامة للمهاجرين؟

هل تصبح برامج تلفزيون الواقع وسيلة جديدة لمنح الإقامة للمهاجرين؟

الساعة 02:25 مساءً (هنا عدن/ متابعات )

هل يمكن أن ينتهي الحال ببعض المهاجرين وطالبي اللجوء في الولايات المتحدة بالمشاركة في برامج تلفزيون الواقع مقابل الحصول على البطاقة الخضراء، التي تمنح الإقامة الدائمة؟

قد تبدو الفكرة أقرب إلى المزاح، لكنها أثارت جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية، رغم نفي الحكومة الأمريكية وجود خطط رسمية بهذا الشأن.



فقد أفادت صحف محلية بأن وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نوم، تدرس تصورًا مقترحًا ضمن مجموعة أفكار أخرى معروضة على مكتبها وقيد المراجعة حاليًا.

وتشغل نوم منصباً محورياً في إدارة سياسات الهجرة والأمن الداخلي، إذ تشرف وزارتها على حملة ترحيل واسعة تستهدف المهاجرين غير النظاميين، ضمن سياسة الهجرة الصارمة التي يعتمدها الرئيس دونالد ترامب في ولايته الثانية.


لكن وأثناء جلسة للجنة مجلس الشيوخ الأمريكي للأمن الداخلي والشؤون الحكومية، نفت الوزيرة وجود مخططات في هذا الإطار سواء منها أو من فريقها التنفيذي، وقالت:


قد أكون تلقيت فكرة في وقت ما، نظرًا لوجود أفكار قُدمت للوزارة لتخفيف أعباء الهجرة واللجوء المزمنة، لكننا لم نكتشف أن من بينها ما يوصي بتجربة تلفزيون الواقع."

في المقابل، ذكرت الصحف الأمريكية تصريحات المتحدثة باسم وزارتها، تريشيا ماكلولي، التي أدلت بها منتصف مايو/أيار 2025 لوول ستريت جورنال. كشفت ماكلولي، المعينة من قبل الرئيس دونالد ترامب، عن وجود مباحثات حول فكرة توظيف اللاجئين والمهاجرين في تلفزيون الواقع، وأنها قيد الدراسة "لأننا بحاجة إلى إحياء الروح الوطنية وترقية الحس المدني في هذا البلد...".

لاحقًا، نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية الخبر لكنها نسبت إلى ماكلولي أنها أبدت دعمها للمقترح، وعندما تصاعدت ردود الفعل الساخنة داخليًا، هاجمت ماكلولي عبر حسابها على منصة إكس طريقة تناول ديلي ميل للخبر، دون أن تذكر ما كتبته وول ستريت جورنال.

"لاجئون، حصريا على قناتنا"

 

 الأميركية (ICE) يتلقّون توجيهات بـ"ابتكار أقصى ما يمكن" في أساليب الإنفاذ.

وفي ظل تقارير متداولة عن مراجعة شاملة لخيارات التعامل مع المهاجرين غير النظاميين، تداولت وسائل إعلام أمريكية أن وزارة الأمن الداخلي تدرس تقديم مساعدات مالية للراغبين في العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية.

كما تم إحياء العمل بقانون "الأجانب الأعداء" العائد للقرن الثامن عشر، والذي يجيز احتجاز أو ترحيل غير المواطنين القادمين من دول تُعتبر معادية للولايات المتحدة.

ومع تعليق استقبال المزيد من اللاجئين، حتى من الذين حصلوا على تصاريح دخول رسمية بانتظار معالجة طلباتهم، كثّفت وكالة الهجرة عمليات التدقيق والمداهمة، وأطلقت حملة اتحادية أدّت إلى احتجاز أكثر من 51 ألف مهاجر حتى مطلع يونيو/حزيران الجاري.

وطلب البيت الأبيض من السلطات زيادة عدد الاعتقالات اليومية إلى 3000 مهاجر غير نظامي يوميا، ، أي ما يزيد على مليون سنوياً.

ويصف مسؤولو الهجرة من يتم توقيفهم بأنهم "مهاجرون غير نظاميين غير موثّقين قانونياً، يشكلون خطراً ويخالفون القانون"، لكن تقارير إعلامية متعدّدة أشارت إلى أن حملة ترامب شملت مهاجرين لا تُسجّل بحقهم مخالفات قانونية.

ولفت أحد مراكز الأبحاث البارزة في الولايات المتحدة إلى صدور تعليمات بخفض أعداد الطلاب الأجانب المقبولين للدراسة في البلاد. وتؤكد منظمة الأمم المتحدة دوما ،على ضرورة معالجة أزمة اللجوء في بلدان المنشأ.

"عندما يكون اللجوء هو الطريق الوحيد الممكن، لا تملك سوى المتابعة والمثابرة، لا سيما إن كنت قطعت مشواراً مرهقاً"، هكذا علّق طالب اللجوء لبي بي سي، قبل أن يضيف:

"الإعلام ينجذب إلى التصريحات الرنانة، لكن المحك الحقيقي يبقى في النظام القضائي والديمقراطي لأمريكا".

برامج الواقع واللاجئون
تم التطرّق إلى قضايا اللاجئين سابقا من خلال برامج تلفزيون الواقع، أبرزها ما بثته القناة الرابعة البريطانية ضمن سلسلة حلقات حملت عنوان "عد من حيث أتيت".

ورغم الاسم الصادم، فإن المشاركين في البرنامج كانوا بريطانيين خاضوا في عام 2024 رحلة تحاكي مسار المهاجرين غير النظاميين نحو الأراضي البريطانية، باعتبارها من أبرز وجهات اللجوء.

انقسمت المجموعة إلى فريقين: انطلق الأول من سوريا، فاجتاز طريق الحرب الطويل، فيما انطلق الثاني من الصومال، حيث سادت المجاعة والاضطرابات. قطع الفريقان الصحارى والجبال، وتسلقوا جبال الألب الإيطالية ليلًا، ثم عبروا بحر المانش في قارب صغير وصولًا إلى مدينة دوفر، نقطة الوصول التقليدية للمهاجرين في بريطانيا.

وخلال الرحلة، التقى المشاركون بلاجئين حقيقيين وتفاعلوا معهم، وذكرت القناة أنها أرادت تقديم محتوى أكثر واقعية وتأثيرًا.

لكن، ورغم تلك اللمسة الإنسانية، دانت منظمة "التحرر من التعذيب" البريطانية غير الربحية البرنامج، واعتبرته "سابقة خطيرة" تخالف الأعراف الدولية، منددة بما وصفته بـ"مساواة شكلية بين لاجئ حقيقي ومشارك في مغامرة مصوّرة".

إلى أين يصل اللاجئون اليوم؟


يوجد رقم نهائي لعدد طلبات اللجوء العالقة أمام المحاكم الأمريكية المختصة بالهجرة حتى الآن، لكن التقديرات تشير إلى أنها تتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين طلب رسمي.

أما متوسط فترة الانتظار للبت في هذه الطلبات، فيختلف حسب طبيعة كل حالة، ومستوى التعقيد، وتوفر الوثائق، وحاجة السلطات لإجراء مقابلات إضافية.

تُعدّ الولايات المتحدة تاريخيًا من أبرز مقاصد اللاجئين عالميا، بدءا من استقبال مئات الآلاف من الأوروبيين الفارين من الحرب العالمية الثانية، مرورًا بالفارين من الأنظمة الشيوعية خلال الحرب الباردة، وصولًا إلى النزاعات المستمرة في أفغانستان وأوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا، إضافة إلى الوافدين من أمريكا الجنوبية.

وقد انتقلت البلاد من التعامل المؤقت مع قضايا اللجوء إلى اعتماد برنامج دائم لتحديد الأهلية، بدأ منذ عام 1980.

لكن هذا النهج تغيّر جزئيًا بعد وصول ترامب إلى الحكم، إذ وقّع فور تنصيبه أمرًا تنفيذيًا لإعادة تنظيم نظام اللجوء.

يحق لطالب اللجوء تقديم طلبه الرسمي خلال عام من دخوله إلى الأراضي الأمريكية. وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، قُبل أكثر من ثلاثة ملايين طلب.

ومع ذلك، لا تصنّف الولايات المتحدة ضمن الدول العشر الأولى المستضيفة للاجئين، وفق أحدث إحصاءات موقع "ستاتيستا" لعام 2024، وتأتي مساهمتها في المرتبة العشرين، بعد دول مثل تركيا، ألمانيا، المملكة المتحدة، فرنسا، لبنان، والأردن.

ترامب، المهاجرون، وتلفزيون الواقع


بسبب حملته المثيرة للجدل على المهاجرين غير النظاميين، واجه ترامب انتقادات حادة من منظمات الحقوقية، وحتى من مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي ندّدت بترحيل 142 ألف شخص بين 20 يناير/كانون الثاني و29 أبريل/نيسان.

كما حذر محامو الهجرة من أن هذه السياسات قد تدفع المهاجرين إلى العزوف عن الامتثال للإجراءات القانونية.

لكن المحكمة العليا الأمريكية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، سمحت باستئناف عمليات ترحيل البعض.

وقد يتصوّر البعض أن ترامب لن يمانع في تحويل المهاجرين أنفسهم إلى نجوم في برامج الواقع، خاصةً أنه عرف طريقه إلى الشهرة من خلال برنامجه "المتدرّب" الذي حقق نجاحًا واسعًا وجنى من ورائه ثروة طائلة. وقبل ذلك، كان قد ظهر في أفلام وإعلانات وبرامج متنوعة، رغم انشغاله بمجال الأعمال.

قد لا يتحول المهاجرون إلى نجوم تلفزيون في نهاية المطاف، لكن مجرد تداول الفكرة يعكس تحولا كبيرا في الطريقة التي تُدار بها قضية الهجرة في واحدة من أكثر دول العالم نفوذا.