عاشَ الخليفيُ حياتَهُ مُكْرِمًا لغيرِه، ليس لحَاجةٍ يبتَغيَها مِنهم، ولا لسَطوَةٍ يهابُها منهم، ولكنَّ أخْلاقَهُ الأزليةَ الأبديةَ قد أوجبت عليه تلك المكارِمَ وألزمَتهُ حُسنَ الخُلُقِ مَع الناسِ كافَّةً. وهو كذلك مُكَرَّمٌ مِن غيرِه، ليس بفضلِ آصالةِ موطنِه في العاصمةِ (عتق)، ولكنَّه حازَها لما لمِسَهُ البعيدُ والقريبُ من المناطقِ الأخرى، من مصداقيةِ تعامُلِه معَهم ومِن قُدُسيَّةِ أُخوَّتِه لهم، ومن بذلِه كلَّ جُهدِه لجلاءِ هَمِّهم إذا تكالبت عليهم الشِدَّةُ وأحاطت بهم الشدائدُ. بالأمس لمسنا مكانةَ (خليفة) في قلوب مَنْ حَولَهُم، بما سطروه مِن الاستنكارِ الصادقِ للفعلِ المُشِينِ الذي واجهه أبناؤنا (حسين عوض الهرش و عبدُ الرحمن صالح جلعوم) من قِبَلِ منعدمي الرجُولَةِ، قطيعِ الحميرِ الوحشيةِ قُطَّاعِ الطُرُقِ، يبتغونَ نَهبَ سيارتِهِم، فما كان منهما إلا ما تربيا عليه مِنْ طَلَبِ الجنةِ دفاعا عن أنفسِهما ومالِهم، ليستشهدَ حسينٌ، ويُصابُ عبدُ الرحمن، بعد أن أصابوا عددا من الفُسَاقِ الذين فروا وقد كسا وجوهَهُم سوادُ خِسَةِ الصائلِ، ووَسَمَ قلوبَهم ذلُ السافلِ. إنَّ ما حدث بالأمس لا يلتصقُ خِزيُّهُ بالمجرمين فحسب.. بل يَلْحَقُ الخزيُ محافظةَ مأرب (سلطةً وقبيلةً) وقد تركت أرضها بوابةً مُشرَعَةً للزواحفِ والحشراتِ تلدغُ وتلسعُ دونَ إبادة. ويَمَسُ كذلك دولتنا (جيشا وأمنا) حين لم يؤَدِ واجبَه ضد شِرذمةٍ عاثت أمامَ سمعِهم وأبصارِهم فسادا. طوالُ تاريخِها تعايشت خليفةُ مع جميعِ القبائلِ على الإخاءِ والتراحُمِ، وقولِ وفعلِ ما يُبَيِضُ وجهَهُم مع كُلِّ مَنْ عايشَهم وعاشرَهم، وكلِّ مَن عاملَهم وسايرَهم. وهي تُحَيي تلك المواقفَ والبياناتِ والكتاباتِ التي جسدت استعدادَهم لبذلِ كلِّ مُستطاعٍ كي يَحِقَ الحَقُ ويُطبَقَ العَدلُ. (خليفةُ) عِزةٌ ونَخوةٌ وطِيبَةٌ وقُوةٌ. لديها مقوماتُ التمكينِ وموجباتُ السبقِ في كل مجالٍ وتخصصٍ. فلا يَحسَبَنَّ أرعَنُ يوما أنَّ صمتَهم حيرةٌ، وحِلمَهم جبنٌ، وحكمتَهم ترددٌ، وصبرَهم تهربٌ. (لا) ومَن رفَعَ السماءَ. بل هو سُمو الانسانيةِ وعُلو الرجالِ. حروفُنا تجسدُ تضَادات المعاني. (خ) خَيرٌ/خطرٌ. (ل) لُطفٌ/لَهبٌ. (ي) يمينٌ/يسارُ. (ف) فُلٌ/فأسٌ. (ت) تَسامُحٌ/تَغَيظٌ. فخذوا الأولَ وتبسموا، ولا تختبروا الآخرَ فتندموا. رحم اللهُ حسين عوض الهرش الخليفي. وشفى اللهُ عبدَ الرحمن صالح جلعوم الخليفي. وللهِ الأمرُ من قَبْلُ ومِن بَعد.
أبو الحسنين محسن معيض