بقلم/السراج اليماني
بادئ ذي بدئ اذكر نفسي واخواني وزملائي واحبابي ممن لهم الحق علي بالنصح والارشاد من الاعلاميين والصحفيين والكتاب وارباب الثقافة وحاملي الافكار وناشريها حيث أنني قد وجدت منهم من اصبحوا دعاة على ابواب جهنم فيسعرون الحروب ولايبالون بمايحدث لليمن ليحصلوا على فتات العيش ومجد زائل ودنيا فانية فيكتبون غير مايعتقدون ويكتبون مايملى عليهم وليس ما يريدونه هم عن قناعة من أجل أن يتحصلوا من وراء كتاباتهم ومنشوراتهم وتلفيقاتهم وكذباتهم وتضليلاتهم مايعيشون به يومهم ولو أنهم صبرو واحتسبوا لعوضهم الله خيرا ولرزقهم الله من حيث لم يكونوا يحتسبون ..
وهنا اذكر نفسي واياهم بهذا الحديث العظيم الذي جاء على لسان أستاذ الاساتذة ورسول رب العالمين الذي جاء لهداية الناس اجمعين واخراجهم من الظلمات الى النور الرحمة المهداة والنور المضاء ..
حيث روى البخاري في صحيحه في كتاب الفتن ٍ عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ انه قال :ُ
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ
قَالَ نَعَمْ
قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ
قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ
قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ
قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ
قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا
قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا
قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ
قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ
قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِك.
هل يعلم هؤلاء ان الكذب حرام حيث انهم يكذبون ولايبالون لابشرع ولاعرف ولا خلق ؟هل علم هؤلاء ان من اراد أن يلعن نفسه فليكذب وان الكذب ليس من شيم الرجال ولا من اخلاق العرب فلذلك قال عليه الصلاة والسلام :"ان الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عندالله كذابا"
وتأملوا اخواني كيف ارشدنا نبينا ان نعمل عند الفتن لاكما نعمله في ايامنا هذه نسارع الى نشر الفتن واذاعتها واشاعتها وان لم تكن موجدة اختلقناها واخرجناها للناس وكأنها كائنة فنزرع الرعب في قلوب الامنين ونننشر الفوضى وبعدها يكون الهرج والمرج
وتأملوا اخواني الاعلاميين في قصة أبي سفيان ابن حرب رضي الله عنه حين كان مشركا وفي جاهليةجهلاء ومع ذلك لم يكذب كما هو الحال في زماننا إذ ندعي اننا مسلمون ونحن اكذب من اهل الجاهلية فقد روى الامام البخاري رحمه الله تعالى عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش فأتوه وهم بإيلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا بترجمانه
فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي
فقال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم نسبا
فقال أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره ثم قال لترجمانه قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه ....والحديث طويل لايحتمل المقام ذكره ولكن شاهدنا ان ابا سفيان كان كافرا إذ ذاك وكان في حرب مع النبي عليه السلام وأبت نفسه ان يكذب وهو محتاج للكذب ليشوه بخصمه لكنه لم يدنس سمعته ويمرغ انفه في الكذب وينجس لسانه بما يشين ويزري كما يفعله قومنا يكذبون من اجل ٢٠٠٠ريال حق التخزينة ويذهب يستجمع افكاره ويلتقط الكلمات كحبات الرمل التي تلتقط بصعوبة كي يؤلف له خبرا من هامش الخيال وعليه علامات شيطانية ثم يقوم بنشره حتى يبلغ الآفاق فتتحدث به الناس فيصدقوه ويتناقلوه بين العربان فبه يحدث مالم تحمدعقباه وبه كتب عندالله كذابا ..
فياقومنا دعوا عنكم الكذب والدجل والتضليل والتزوير وقلب الحقائق واختلاق الحوادث إما مجاملة ومحاباةتملقا واما طلبا للمال من غير مكانه فاعلاميينا فيهم الكذبةو الفسقةو السوقة والمرتزقة وفيهم النائحة المستأجرة التي تولول وتصرخ وتعوي وتشقق ثيابها وتنتف شعرها لاجل دراهم معدودة هذا هو حال اعلاميينا واعلامنا إلا من رحم ربي وقليل ماهم .
فمتى يطهر اعلامنا من النجس والخبث لنعيش بسلام آمنين ؟ومتى يصدق الاعلاميون الذين استمرؤوا الكذب والتدجيل والتضليل والتزوير والتحريف والتحريش وغلب الحقائق ؟متى يمسك اعلاميونا ألسنتهم ويكسرون سن اقلامهم ويكبتون جماح أحلامهم المدمرة للوطن؟ ومتى يكف اعلاميونا عن الاضرار باناس على حساب اخرين من اجل فتات لايغني ولايسمن من جوع بل يغمسهم في جهنم غمسات وغمسات؟متى يتقي الله الاعلاميون ويؤدون مهنتهم بما امر الله عزوجل ويوصلوا رسالتهم الصحيحة ويعلموا انهم رسل مؤتمنون فكيف بهم يخونون هذه الامانة التي حملوها على عواتقهم (انا عرضنا الامانة على السموات و الارض والجبال فأبين أن يحملنها فحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا).
فمتى يكف هؤلاء عن مدح من لايستحق المدح وذم من لايجوز ذمه ...فإن المدح والذم نوعان من الخبر يعرض لكل منهما الصدق والكذب ويتأثر حكم كل منهما بحال المادح والذام فالممدوح من مدحه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمذموم حقًا من ذمّه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد إن مدحي زين وذمي شين، فقال صلى الله عليه وسلم: «ذاك الله». ويتفرّع عن هذا أن من مدحه الصالحون من عباد الله فمدحهم له من عاجل بشراه ومن ذمّه الصالحون فذلك عنوان على سوء حاله أو سوء عقباه والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لمّا مرّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وجبت»، ثم مرّوا بأخرى فأثنوا عليها شرًا، فقال: «وجبت» ثم فسّر قوله وجبت للأول وجبت له الجنة، وللثاني وجبت له النار ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أنتم شهداء الله في أرضه» (رواه البخاري).
أما مدح الكفرة والمنافقين والفاسقين فلا يُبشِّر بخيرٍ للممدوح بل يدل على شرٍ فيه بقدر رضاهم عنه ومدحهم له.
وذمّ الكفرة والمنافقين والفاسقين شرف لمن ذمّوه؛ لأنه يدل على عدم رضاهم عنه لمخالفته أهواءهم وهذا معيار وقياس صحيح في المدح والذم؛ فلينظر العاقل في حال ونوعية من يمدحه أو يذمّه وفي الحامل لهم على مدحه وذمّه. فمدح الأخيار للمرء شرف وذمّ الأشرار للمرء شرف والعكس صحيح.
وتذكّر أيها العاقل قول المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادة لي بأني كامل
وقال آخر:
حب الأراذل للفتى مزرٍ به
وثناؤهم ذم فلا يسمو به ..
وذكر أن الطبيب بقراط رؤي يومًا مغتمًا فسأل عن ذلك فذكر أن إنسانًا دنيئًا ذكر أنه يحبه والمحبة إنما تكون لتناسب بين المحب والمحبوب.
ومما ابتليتْ به الأمة في هذا العصر أقلام كثير من الكُتّاب والصحفيين الذين يكيلون المدح والذم جِزافًا حسب ما تمليه مذاهبهم وأهواؤهم وأطماعهم، ومن أحسن ما قيل في جنس الصحفيين ما قاله محمد بن سالم البيحاني إذ يقول:
وأرى الصحفيين في أقلامهم
وحي السماء وفتنة الشيطان
فهم الجنات على الفضيلة دائمًا
وهم الحماة لحرمة الأديان
فلربما رفعوا الوضيع سفاهة
ولربما وضعوا رفيع الشان
فجيوبهم فيها قلوبهم إذا ملئت
فهم من شيعة السلطان
وإذا خلت من فضله ونوال
ثاروا عليه بخائن وجبان
وأقرب مثل لهذا الصنف من الكُتّاب والصحفيين الشعراء الذين قال الله فيهم: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ . أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ . وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء:224-226].
وأكثر ما يكون هذا المدح مزريًا بالممدوح وحاطًا من قدره إذا كان معدودًا من العلماء، إذ كان مدح أولئك السفهاء من أجل ما يوافق أهواءهم من آرائه وفتاويه، وإن كان هو قد يكون معذورًا لتأويل تأوّله أو شبهة حسبهًا دليلًا لكن من القبيح أن يفرح العاقل بمدح أولئك الصحفيين الجهلاء الدائرين مع الأهواء وأمثالهم من الإعلاميين...!
القائمين على البرامج في وسائل الإعلام فهم الجناة على الفضيلة دائمًا والناشرون لفتنة الشيطان كما قال البيحاني رحمه الله والله اسأل ان يوفقنا لمايحب ويرضى وان يقوم اعوجاجنا وان يكون معنا لاعلينا
كاتب يمني وباحث في شؤون الارهاب الشارقة