نشرت صحيفة USA Today الأمريكية تقريرًا كشفت فيه عن تحركات عاجلة في مجلس الشيوخ الأمريكي لتجديد مخزونات الذخيرة المستنزفة بفعل حرب أوكرانيا من جهة، والحملة العسكرية التي شنّتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد اليمن من جهة أخرى، تحت مسمى "عملية الفارس الخشن".
التقرير أشار إلى أن لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ صوّتت في 31 يوليو/تموز بأغلبية 26 صوتًا مقابل 3، لتمرير مشروع قانون يزيد الإنفاق الدفاعي المخصّص لإنتاج وشراء الذخائر بمقدار 7.3 مليار دولار إضافية فوق طلب البنتاغون الأصلي البالغ 9 مليارات.
السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل قال إن العمليات الأخيرة في الشرق الأوسط، في إشارة إلى البحر الأحمر، كشفت عن سرعة استنزاف الذخائر الأمريكية، متهمًا الإدارة السابقة بعدم استغلال الطاقة الإنتاجية بشكل كافٍ، فيما أضاف السيناتور الديمقراطي كريس كونز أن تجربة القصف على اليمن، وخصوصًا ضد حركة أنصار الله، أظهرت الحاجة إلى تجديد الإمدادات بسرعة، مشيرًا إلى التحدي القائم في تلبية متطلبات أوكرانيا في الوقت ذاته.
الصحيفة كشفت أن الحملة الجوية التي قادها ترامب ضد اليمن كلّفت الولايات المتحدة ما لا يقل عن نصف مليار دولار في الذخائر وحدها خلال أقل من شهرين، بينما قُدّرت الخسائر الكلية، بما في ذلك العمليات الجوية وخسائر الطائرات، بأكثر من مليار دولار. وبحسب مساعد في مجلس الشيوخ رفض الكشف عن اسمه، فقد استخدم الجيش الأمريكي خلال تلك العملية أسلحة من أكثر ما في ترسانته تطورًا، دون أن يتم إبلاغ الكونغرس رسميًا بتكلفة العملية.
وأشار التقرير إلى أن طائرتين مقاتلتين من طراز F/A-18E سقطتا من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر وغرقتا،
فيما أسقطت قوات صنعاء تسع طائرات مسيّرة هجومية من نوع MQ-9 Reaper، تُقدّر قيمتها مجتمعة بـ270 مليون دولار
كما نقل التقرير أن ترامب أوقف العملية العسكرية بشكل مفاجئ في السادس من مايو، زاعمًا أن الحوثيين "أبلغوا أنهم سيتوقفون عن ضرب السفن"، إلا أن الوقائع الميدانية كذّبت هذا الادعاء
وفي خطوة تشير إلى استمرار الاستنزاف العسكري الأمريكي، أعادت لجنة الشيوخ توجيه جزء كبير من التمويل الإضافي إلى قطاع الدفاع الجوي، حيث خصصت 5.2 مليار دولار لشراء ذخائر جديدة، و2.1 مليار أخرى لتعزيز خطوط إنتاج أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، مثل صواريخ "باتريوت" و"ثاد". وتأتي هذه الزيادة في ظل تصاعد الاعتماد على تلك المنظومات في الحرب الأوكرانية، حيث أعلن ترامب مؤخرًا عن إرسال بطاريات باتريوت لأوكرانيا، في حين تكفّلت ألمانيا والنرويج بتمويل ثلاث منظومات إضافية.
من جهتها، استخدمت "إسرائيل" منظومات ثاد أمريكية الصنع لصدّ صواريخ إيرانية خلال حرب جوية استمرت 12 يومًا في يونيو الماضي، وهو ما اعتبرته الصحيفة دليلاً إضافيًا على الطلب المتزايد على هذه الأنظمة، وسط موجة من الحروب المتعددة التي تورطت فيها واشنطن.
التقرير يعكس بوضوح حجم الورطة التي أوقعت فيها الإدارة الأمريكية نفسها، سواء من خلال تدخلاتها العسكرية المباشرة أو عبر التزاماتها مع الحلفاء، حيث تكشف الأرقام عن نزيف مالي وتسليحي متسارع، بلغ حدّ تآكل المخزون الاستراتيجي للجيش الأمريكي. ويأتي هذا في وقت تعجز فيه واشنطن عن حسم أي من المعارك التي افتعلتها، بينما تلقت قواتها ضربات موجعة من قوى صاعدة، كما حدث في البحر الأحمر، حيث تمكّن اليمنيون من إذلال سلاح الجو الأمريكي، وإسقاط طائراته المتطورة تباعًا، فيما تستمر ضرباتهم في استهداف السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي.
إن الصورة التي يرسمها تقرير USA Today تُظهر جيشًا منهكًا، وقرارًا سياسيًا مرتجفًا، وعالمًا يتغير بسرعة لا تستطيع الولايات المتحدة مجاراتها، رغم كل ما تنفقه من مليارات الدولارات على منظومات ثبت فشلها ميدانيًا في صدّ صواريخ صنعاء، أو منع غرق السفن في مياه البحر الأحمر.