هنا عدن | متابعات
تشهد مدينة لوس أنجلوس، إحدى أكبر مدن ولاية كاليفورنيا، موجة من الاحتجاجات العنيفة منذ أربعة أيام احتجاجًا على الحملات الأمنية لسلطات الهجرة الفيدرالية ضد المهاجرين غير الشرعيين، ما دفع الرئيس الأمريكية دونالد ترامب لنشر 2000 جندي من الحرس الوطني لاستعادة النظام في المدينة وسط انتقادات واسعة من المسؤولين الديمقراطيين المحليين.
عاصفة العلم المكسيكي
برزت صورة مثيرة للجدل لمتظاهر ملثم يقود دراجة نارية ويلوح بالعلم المكسيكي وهو يدور حول سيارة مشتعلة، لتصبح رمزًا للاحتجاجات وتثير عاصفة إعلامية واسعة.
وقد وصفت صحيفة "نيويورك بوست" هذه اللقطات الدرامية بأنها انتشرت بشكل كبير على منصة "إكس" وأصبحت رمزًا لأعمال الشغب المناهضة لسلطات الهجرة في المدينة.
وأظهرت صور وفيديوهات للاحتجاجات متظاهرين آخرين يلوحون بأعلام أجنبية متنوعة أثناء مواجهتهم للعملاء الفيدراليين.
وعلّق نائب الرئيس جيه دي فانس على منصة "إكس" قائلًا: "متمردون يحملون أعلامًا أجنبية يهاجمون ضباط إنفاذ قوانين الهجرة، بينما قرر نصف القيادة السياسية الأمريكية أن إنفاذ قوانين الحدود أمر شرير".
كما شارك النائب الجمهوري عن ولاية تكساس ويسلي هانت صورة مقسمة تجمع بين المتظاهر الملثم وترامب عقب محاولة اغتياله، مكتوبًا عليها "هناك رؤيتان لأمريكا. اختر بحكمة".
ردود فعل متباينة
أثارت هذه الصور ردود فعل متباينة في الأوساط الإعلامية والسياسية، إذ دعت السيناتور كاتي بريت، الجمهورية من ألاباما، إلى "إلغاء تمويل الولايات القضائية الملاذ. تمويل سلطات الهجرة" حسبما جاء على حسابها الشخصي في "إكس"، في إشارة إلى ضرورة قطع التمويل الفيدرالي عن الولايات والمدن التي ترفض التعاون مع السلطات الفيدرالية في قضايا الهجرة وتوجيه هذه الأموال لتعزيز عمليات إنفاذ قوانين الهجرة.
بينما كتب السيناتور بيرني مورينو الجمهوري من أوهايو: "رسالة بسيطة للأجانب غير الشرعيين: ارحلوا الآن. لقد كسرتم قوانيننا للوصول إلى هنا وسيتم ترحيلكم".
وقال مقدم البرامج في "فوكس نيوز" جريج جوتفيلد على "إكس": "أحاول العثور على دولة لإنشاء مدينة ملاذ، حيث يمكنني حرق الأشياء بينما ألوح بعلم بلدي الأصلي وأطالب بعنف بألا يرسلوني إلى البلد الأصلي للعلم الذي ألوح به".
كما شارك حساب "ليبس أوف تيك توك" المؤثر في اليمين، صورة للمتظاهر مع عبارة "إعلان مذهل للترحيل الجماعي"، حتى إن بعض الديمقراطيين انتقدوا هذه المشاهد، وقال أرماند دومالوسكي المؤيد للديمقراطيين على "إكس": "أقسم أن هذا الرجل لا بد أن يكون عميلًا جمهوريًا".
وعلّق المراقب السياسي الأسترالي درو بافلو: "هذا أشبه بلقطات دعائية مثالية لترامب وستيفن ميلر. لماذا يفعل الناس هذا؟".
تطور المواجهات
كشفت صحيفة "بوليتيكو" أن الاحتجاجات بدأت، الجمعة الماضي، وسط لوس أنجلوس قبل أن تنتشر أول أمس السبت إلى باراماونت، المدينة ذات الأغلبية اللاتينية.
وقد شهد اليوم الثالث من الاحتجاجات تصعيدًا خطيرًا حيث نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع وقاموا بإغلاق طريق سريع رئيسي وإضرام النار في مركبات ذاتية القيادة.
وبحسب "نيويورك بوست"، لم تبدأ الشرطة المحلية في تفريق المتظاهرين إلا بعد إعلان ترامب عن إرسال الحرس الوطني، إذ كانت الشرطة تحت أوامر بعدم التدخل بينما كان "المحتجون السلميون في الغالب" يلقون الحجارة والألعاب النارية على العملاء الفيدراليين، كما قاموا بإحراق المركبات وإعاقة عمليات إنفاذ قوانين الهجرة جسديًا.
ووصل نحو 300 جندي من الحرس الوطني، صباح أمس الأحد، كدفعة أولى من إجمالي 2000 جندي أمر ترامب بنشرهم، حاملين بنادق طويلة ودروعًا مضادة للشغب لحماية المرافق الفيدرالية، بما في ذلك مركز الاحتجاز الذي تم نقل بعض المهاجرين إليه في الأيام الأخيرة.
واضطرت قوات إنفاذ القانون المحلية لاستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية للسيطرة على الحشود، بينما اصطفت دوريات الشرطة على الخيول وأخرى بمعدات مكافحة الشغب خلف قوات الحرس المنتشرة.
وتم اعتقال 11 شخصًا على الأقل من قِبل شرطة لوس أنجلوس، كما احتجزت شخصًا لإلقائه قنبلة حارقة وإصابة ثلاثة ضباط.
تضارب وانقسام حاد
انتقد حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم قرار ترامب ووصفه بأنه "استفزازي عن قصد"، مؤكدًا أنه "سيؤدي إلى تصعيد التوترات فقط".
وقال "نيوسوم" لاحقًا: "يريدون مشهدًا إعلاميًا. يريدون العنف. يعتقدون أن هذا مفيد لهم سياسيًا".
من جهة أخرى، لعبت عمدة لوس أنجلوس كارين باس دورًا محوريًا في تأجيج الأحداث، إذ أدلت بتصريحات حماسية، الجمعة الماضي، عندما هاجمت حملات سلطات الهجرة التي اعتقلت عشرات المهاجرين غير الشرعيين.
وقالت "باس": "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا"، مؤكدة أن أعمال سلطات الهجرة "تزرع الرعب وتعطل المبادئ الأساسية للأمان"، كما تباهت بأن مكتبها كان "في تنسيق وثيق" مع "منظمات المجتمع"، وهو ما وصفته الصحيفة بإشارة صريحة لبدء أعمال الشغب.
الدفاع الفيدرالي
دافعت وزارة الأمن الداخلي عن العمليات بقوة، مؤكدة أن "القتلة والمعتدين جنسيًا" كانوا من بين المعتقلين في عمليات سلطات الهجرة في لوس أنجلوس هذا الأسبوع.
وتساءلت المتحدثة باسم الوزارة تريشيا ماكلولين: "لماذا يهتم الحاكم نيوسوم وعمدة لوس أنجلوس كارين باس بالقتلة العنيفين والمعتدين جنسيًا أكثر من حماية مواطنيهم؟"
وأضافت "ماكلولين": "هؤلاء المشاغبون في لوس أنجلوس يقاتلون للإبقاء على المغتصبين والقتلة والمجرمين العنيفين الآخرين طلقاء في شوارع لوس أنجلوس. بدلًا من الشغب، يجب أن يشكروا ضباط سلطات الهجرة كل يوم الذين يستيقظون ويجعلون مجتمعاتنا أكثر أمانًا".
وقالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم، في بيان لها، إن الحرس الوطني سيتم نشره "للحفاظ على السلام والسماح للناس بالتظاهر ولكن أيضًا للحفاظ على القانون والنظام".
كما أكد ترامب أمس الأحد أن المتظاهرين كانوا يبصقون على عملاء سلطات الهجرة، وتعهد بوقف ذلك قائلًا: "يبصقون، نضرب. وأخبرتهم، لن يبصق أحد على ضباط الشرطة لدينا، لن يبصق أحد على عسكرينا".
استمرار المواجهات
استمرت المظاهرات، أمس، خارج مركز الاحتجاز الفيدرالي وسط لوس أنجلوس، حيث تجمع مئات المتظاهرين ووجهوا هتافات "العار" و"اذهبوا للبيت" لأفراد الحرس الوطني.
وعندما اقترب بعض المتظاهرين من أفراد الحرس بشكل وثيق، تقدمت مجموعة أخرى من الضباط المكلفين وأطلقت علب مملوءة بالدخان في الشارع.
وبحسب تقارير مراسل "لوس أنجلوس تايمز" جيمس كويلي، بدأت قوات الحرس الوطني وعملاء سلطات الهجرة في إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الدخان على الحشد لفتح طريق لمركباتهم، كما تم إطلاق الرصاص المطاطي، ما أدى لإصابة متظاهرين وأعضاء من وسائل الإعلام الموجودين لتغطية الاحتجاجات.
وقد أوضحت "بوليتيكو" أن العنف انتشر في ثلاثة أحياء في مقاطعة لوس أنجلوس، وهي وسط لوس أنجلوس بالقرب من الحي الصيني وفي ضواحي باراماونت وكومبتون في جنوب وسط لوس أنجلوس.
وتم إضرام النار في المركبات وظهرت الكتابات على الجدران بشعارات مثل "اقتلوا سلطات الهجرة" و"تبًا لسلطات الهجرة" على المباني العامة المشوهة.
المصدر | القاهرة نيوز