الرئيسية - منوعات - الشرق الأوسط وآسيا- أكثر الوفيات بأمراض القلب الناجمة عن البلاستيك

الشرق الأوسط وآسيا- أكثر الوفيات بأمراض القلب الناجمة عن البلاستيك

الساعة 09:46 مساءً (هنا عدن/ متابعات )

تصدّر هذا الخبر عناوين الصحف هذا الأسبوع: أظهرت الأبحاث أن المواد الكيميائية الشائعة في البلاستيك ارتبطت بـ350 ألف حالة وفاة بأمراض القلب حول العالم عام 2018، كما كتبت نينا أغراوال(*).

وجاءت هذه الإحصائية من دراسة نُشرت يوم الاثنين الماضي في مجلة eBioMedicine. وقدّر الباحثون، وهم مجموعة من الخبراء في كلية غروسمان للطب بجامعة نيويورك، أن نحو 13 في المائة من وفيات القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عاماً حول العالم في ذلك العام، يُمكن أن تُعزى إلى الفثالات phthalates، المستخدمة في تغليف الأطعمة والشامبو ولعب الأطفال وغيرها.



تقديرات وافتراضات علمية
لا تزال الأبحاث حول تأثير الفثالات على أمراض القلب والأوعية الدموية قيد التطوير، لكن ارتباطها بعوامل الخطر الأيضية مثل السمنة يُشير إلى أنها قد تلعب دوراً في أمراض القلب.

وبينما يتفق الخبراء على أن الفثالات ضارة، فإنهم حذّروا من أن الدراسة اعتمدت على نمذجة إحصائية معقدة وسلسلة من الافتراضات والتقديرات التي تُصعّب تحديد عدد الوفيات التي قد ترتبط بهذه المواد الكيميائية.


وصرح الدكتور مارك هوفمان، طبيب أمراض القلب والمدير المشارك لمركز الصحة العالمية في كلية واشنطن للطب في سانت لويس: «هذه خطوة مبكرة في محاولة فهم حجم المشكلة». لكنه أضاف أن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لفهم العلاقة بين الفثالات وصحة القلب، والعوامل الأخرى التي قد تؤثر.

دور الفثالات
توجد الفثالات في منتجات العناية الشخصية مثل الشامبو والمنتجات السائلة، وكذلك في عبوات حفظ الطعام. ومن الممكن أن تتسرب عن طريق الطعام، أو عند امتصاصها عبر الجلد من المنتجات التي تحتوي عليها، أو استنشاقها على شكل غبار.

أضرار صحية ملموسة

أظهرت الدراسات أن الفثالات تُسبب اضطرابات في الغدد الصماء، أي أنها قد تتداخل مع هرموناتنا. وقد ارتبطت هذه المواد بآثار سلبية على الصحة الإنجابية، ومشكلات الحمل والولادة.

وأظهرت بعض الدراسات وجود علاقة بين الفثالات وأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن لا توجد أدلة قوية على أن هذه المواد الكيميائية تسبب مشكلات قلبية مباشرة، وفقاً لسونغ كيون بارك، أستاذ علم الأوبئة والعلوم البيئية في كلية الصحة العامة بجامعة ميشيغان.

وهناك أدلة على أن الفثالات تزيد من خطر الإصابة باضطرابات التمثيل الغذائي مثل السمنة وداء السكري من النوع الثاني، التي يمكن أن تسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.

تلف الخلايا وتقوية الالتهابات
إحدى الطرق التي قد تؤدي بها الفثالات إلى ذلك هي زيادة الإجهاد التأكسدي - تلف الخلايا والأنسجة الذي يحدث عند وجود الكثير من الجزيئات غير المستقرة في الجسم - وتقوية الالتهابات، وفقاً للدكتور ليوناردو تراساندي، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية الجديدة وأستاذ طب الأطفال وصحة السكان في جامعة نيويورك.

طريقة البحث

في أحدث دراسة، حاول الباحثون تحديد عدد الوفيات العالمية بأمراض القلب والأوعية الدموية المنسوبة تحديداً إلى نوع واحد من الفثالات، المعروف باسم DEHP (فثالات مضاعف (2-إيثيل الهكسيل)- الويكيبيديا). ويُعدّ DEHP أحد أكثر الفثالات استخداماً ودراسةً، ويوجد في منتجات الفينيل، بما في ذلك مفارش المائدة وستائر الحمام والأرضيات.

اعتمد الباحثون على تقديرات من أبحاث سابقة في عدة مقاييس: التعرض للفثالات، وخطر التعرض لها على وفيات القلب والأوعية الدموية، والعبء العالمي لأمراض القلب والأوعية الدموية. ثم حسبوا نسبة الوفيات الناجمة عن التعرض للفثالات في مختلف البلدان، وفقاً لتراساندي.


الشرق الأوسط وآسيا - وفيات أكثر بسبب الفثالات
وشكّلت منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرق آسيا والمحيط الهادئ ما يقرب من ثلاثة أرباع هذه الوفيات.

وأظهرت دراسة الملاحظة والرصد هذه، وجود علاقة بين التعرض المُقدّر للمادة الكيميائية والمرض على مستوى السكان. وصرح الخبراء بأن الأساليب المُستخدمة ليست غريبة على الدراسات التي تُنمذج الأمراض العالمية، ولكن هذه الدراسات تأتي مع بعض المحاذير.

محاذير الدراسة
على سبيل المثال، قال هوفمان إن التقديرات المُستمدة من الأدبيات التي اعتمد عليها المؤلفون في حساباتهم ربما تكون قد تضمنت بعض المتغيرات المُتحيزة أو المُربكة، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي أو السلوكيات الغذائية، والتي قد ترتبط بكل من التعرض للبلاستيك ومعدلات أمراض القلب والأوعية الدموية.

وأضاف هوفمان: «جزءٌ مهمٌّ للغاية من نتيجة النموذج، هو ما يُضاف إليه».

واعتمدت الدراسة أيضاً على تحليل سابق أجراه تراساندي لتقدير خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية الناتجة عن التعرض للفثالات، بعد ضبط عوامل الخطر الأخرى المعروفة. إلا أن تلك الدراسة لم تنفذ سوى فحص مرضى أميركيين، مما يعني أنه قد لا يكون من الممكن تعميم النتائج على سكان العالم، حيث قد تختلف العادات الغذائية، والتعرض لدخان السجائر، والنشاط البدني، وعوامل الخطر الأخرى لأمراض القلب والأوعية الدموية.

دراسات المستقبل
يتضح من الدراسة، كما أوضح الخبراء، أننا بحاجة إلى مزيد من البحث حول التعرض للفثالات والمخاطر الصحية المرتبطة به. ورغم أنه من المستحيل أخلاقياً وغير عملي إجراء تجربة عشوائية تقليدية، حيث يتم تعريض مجموعة من الأشخاص للفثالات بينما لا يتم تعريض مجموعة أخرى، وتمت متابعتهم لسنوات عديدة، فإن أنواعاً أخرى من الدراسات يمكن أن تساعد في تحديد العلاقة بشكل أوضح.

وأوضح بارك أن إحدى الطرق تتمثل في قيام الباحثين بتجنيد عينة كبيرة وممثلة من المرضى، وقياس مستويات تعرضهم، ومتابعتهم لسنوات، ربما حتى الوفاة. وأشار هوفمان إلى أنه من المفيد أيضاً تجربة استراتيجيات قد تقلل من مستويات التعرض، ثم قياس أي تغيرات في النتائج الصحية.

وقالت تريسي وودروف، مديرة برنامج الصحة الإنجابية والبيئة في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، إنه على الرغم من عدم اليقين في تقديرات الدراسة الحالية، فمن الواضح أن الفثالات يمكن أن تزيد من مخاطر الولادة المبكرة، ومشكلات الإنجاب، واضطرابات التمثيل الغذائي. وبالنسبة لها، فإن هذه النتائج تضاف إلى قائمة الأسباب التي تدعو إلى تقليل كمية الفثالات في سلسلة التوريد.