هنا عدن | مقالات
الدكتور أبوبكر السقاف
كاتب سياسي|
عزيزي "معالي" الوزير إن كان للغباء الإداري لقبٌ رسمي، فأنت صاحبه بلا منازع.
قرأنا منشورك الأخير، وصدقنا للحظة أننا نقرأ سطور شخص من خارج السلطة، لا أحد ممن ظل ممسكًا بعنق وزارة لمدة تقارب الخمس سنوات! تكتب وكأنك من المقهورين، لا من المتحكمين! تشكو من الدولة العميقة، وكأننا نعيش في رواية من روايات دان براون وليس في بلد يعرف الناس فيه من يصدر القرار ومن يعرقل ومن يسرق.
أيها الوزير المتعجرف، لقد رأينا الفشل يتجسد فيك بكل ملامحه: من تصريح إلى آخر، تثبت أنك أكبر عثرة في طريق الدولة، وأضعف حلقة في هذه الحكومة المهترئة، ووزير بحجمك يصرخ على فيسبوك الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي كالناشطين الهواة، بينما وزارته تغرق في فساد موثق، وعجز مشهود، وتخبط أصبح مادة للضحك والسخرية.
دعنا نسألك: ماذا فعلت منذ جلوسك على كرسي الوزارة غير كتابة المقالات الإنشائية وصرف العبارات الخشبية؟ أهو الإنجاز الوهمي؟ أم التعيينات المناطقية؟ أم ترقيع الخراب بقرارات ترقيعية؟ أم هو فن الهروب من المسؤولية عبر ترديد "الدولة العميقة" وكأنها وحش خرافي من روايات الخيال؟
تعرف ماذا فعلت؟ سحقت أحلام الموظفين، وحولت وزارة الخدمة إلى دكان ترضيات و"واسطة" وشللية، أما التأمينات الاجتماعية؟ تحولت في عهدك إلى خزنة مفتوحة لأصحاب الحظوة، بينما المتقاعدون يموتون في طوابير المهانة.
تقول إنكم لا تستطيعون حماية مصالح عدن من النهب، ولا تشغيل محطة كهرباء، ولا إصلاح وضع الاتصالات... فلماذا ما زلت في منصبك؟ لماذا لا تخرج ببيان استقالة تحفظ به ما تبقى من ماء وجهك بدلًا بدلاً من صراخك ونعيقك على وسائل التواصل الاجتماعي من منشورات تحاول بها استعطاف الشارع وكأنك ضحية، بينما أنت أكبر أداة للانحدار والفساد والمناطقية والعنصرية؟
تتحدث عن عدن وكأنك ابنها البار، بينما حقيقتها تقول إنك مجرد متسلق على معاناة الجنوبيين، وقدمت نفسك منذ اليوم الأول كمناضل، وإذا بك تنقلب إلى باحث عن بقاء، مهووس بمنصب، تحتمي بـ"شماعة" الدولة العميقة كلما سقط قناع جديد عن فشلك.
يا عبد الناصر، الجنوب لا يحتاج إلى وزراء يصرخون في الفضاء الرقمي، بل إلى رجال يعملون بصمت ويبنون الدولة بالفعل لا بالشعارات، والجنوب لا يتحرر بمنشورات فايسبوكية، ولا ينهض عبر مقاطع فيديو تصور فيها نفسك مصلحًا بينما وزاراتك تئنّ من الارتجال وسوء الإدارة وتعينات وترقيات لأقاربك وأحبابك.
وأخيرًا...
إن كنت لا تستطيع أن تسمي من يعرقل، وإن كنت تعجز عن إقالة الفاسدين، وإن كنت غير قادر على إدارة وزارة فيها أقل من ألف موظف، فكيف تطمح لحكومة؟ كيف تطلب ثقة شعب، وأنت عجزت عن كسب ثقة موظفيك؟
باختصار:
لم نرَ فيك إلا وزيراً ضعيفاً وجباناً لم تسمي المعرقلين بأسمائهم، وأنت بارعًا في الهروب، متقنًا لفن الخطابة، مفلسًا من حيث الإنجاز، ومنهزمًا أمام أبسط تحدي.
فمن كان عجزه أكبر من مسؤولياته، فمكانه ليس كرسي الوزارة، بل مقعد المتفرجين.