لا يتوقف المجلس الانتقالي الجنوبي عن محاولاته المستميتة لتخريب ما تبقى من السيادة اليمنية في البلاد، حيث دعا إلى تشكيل حكومة جديدة غير الحكومة الحالية، وهو ما اعتبره البعض بأنه دعوة صريحة إلى انتهاك القوانين والدساتير، وتقسيم البلاد أكثر مما عليه الآن.
الانتقالي، المدعوم من الإمارات، حذف البيان الذي نشره، يوم أمس، وكان أعلن فيه رفض عودة الحكومة الشرعية إلى عدن، وسرعة تشكيل حكومة تابعة له من المحافظات المحررة.
رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، أوضح في تصريحات سابقة أن مسيرة "استعادة وبناء دولة الجنوب الفدرالية" مسؤولية لا رجوع فيها، وأن السبيل الوحيد إلى السلام هو العودة إلى وضع الدولتين.
- من المسؤول؟:
يقول المحلل السياسي محسن مغلس: "عودَنا الانتقالي، في وقت الأزمات الاقتصادية في البلد (الجنوب)، وكذا المناطق المحررة، بأن السؤال يتوجه إلى قيادة الانتقالي؛ لأنها المسيطرة على الأجهزة الأمنية، ومقدرات البلد، ويدعي بأنه ليس مسيطرا".
وأضاف: "الانتقالي هو من يسيطر على المحافظات الجنوبية، وهو من يمنع أشياء كثيرة، ووصل إلى درجة أنه يستطيع منع الحكومة، ولأنه يمنع الحكومة فهو قادر على أن يأتي بحكومة".
وتابع: "عندما قام الانتقالي بحذف البيان هو أصدره بغير وعي، مع أنه استعرض ثلاثة تقارير: اقتصادية، سياسية، تقييم الأداء، وبالنسبة له فقد حصل نقاش كبير".
وأردف: "جاء هذا البيان بعد أن ناقشوا التقرير الاقتصادي، أي أن المشكلة الاقتصادية، التي تعاني منها المنطقة كلها، هو من يقف وراءها، وجزء كبير منها".
وزاد: "نحمّل الحكومة المسؤولية؛ لأنها متقاعسة إلى أبعد حد، لكنها ترمي بعضا من فشلها إلى الانتقالي؛ لأنه من يمنعها، وهو بالحقيقة أداة لمنع الحركة الاقتصادية، وهناك قوات عسكرية تابعة له تمنع إعادة مصفاة عدن، وهي المسيطرة على ميناء عدن، وكل الموارد الآن التي تشغل البلاد، مثل شبوة وحضرموت، أي كل المناطق، التي يوجد فيها اقتصاد، يقوم الانتقالي بعمل شوشرة فيها ثم يحمّل الحكومة المسؤولية".
وقال: "الحكومة عليها مسؤولية قطعاً بتحدي الانتقالي، وتقول له بأنها موجودة، ما لم فإنها متواطئة مع الانتقالي، وإلا ما دور الحكومة حتى إننا لم نسمع منها بيانا لا من رئيس الحكومة، ولا من رئيس مجلس الرئاسة".
وأشار إلى أن "الانتقالي لديه أربعة وزراء، وإذا أراد أن يعمل حلا يجب أولاً أن يدعوهم إلى الاستقالة".
وأضاف: "الحزام الأمني في محافظة أبين، ومحافظ أبين، يتفرجون على نقاط مسلحة، توقف قاطرات لها ثلاثة أيام موقفة في خط أبين من أجل محطات الكهرباء".
وتابع: "في عدن، تم إيقافها من أجل جبايات، حصل نزول من عيدروس الزبيدي ومنع هذه الجبايات، لماذا الآن رجعت هذه الجبايات من جديد؟".
وأشار إلى أنه "يتم حجز قاطرات بطول كيلومترات، وقطع خدمات عن مجتمع من أجل جبايات، حيث تنقطع الكهرباء لتسع ساعات؛ بسبب إيقاف الوقود".
- ضغط شعبي:
يقول الصحفي نشوان العثماني: "حالياً الانتقالي واقع تحت ضغط شعبي كبير فيما يخص ملف الخدمات؛ لأن الكهرباء لم تكن من قبل تنقطع هذه الساعات، خلال فصل الشتاء، والمعهود أن الأحمال تزداد في الصيف؛ بسبب الحرارة، لكن أن تنقطع بهذا الشكل في الشتاء إلى جانب تهاوي العملة، والخدمات بشكل عام تتراجع، في ضغوط شعبية على الانتقالي".
وأضاف: "هناك ضغوط شعبية قوية على الانتقالي بصفته مشارك في الحكومة ومسيطر على الأرض في العاصمة المؤقتة عدن، وربما الاجتماع، الذي عُقد برئاسة الرفيق فضل الجعدي، جاء بناءً على هذه الحيثيات، ومنع الحكومة من العودة هو يصطدم بحلفاء الحكومة، ولم يكن حكيماً هذا التصرف، وليس جيداً".
وتابع: "كانت الخطوات متسارعة في سبيل رئيس الحكومة، وأدخل تعديلات لولا أن الأحداث الأخيرة حدثت في البحر الأحمر، واستهداف الممرات المائية، ربما أرجعتها قليلا".
وأردف: "هناك إخفاق حكومي -لا شك- والانتقالي جزء من الحكومة، ويفترض أن تناقش هذه الأمور داخل الأروقة الحكومية، ولا ينقل هذا للإعلام".
وزاد: "لا أدري ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الظهور بهذا الشكل، ربما البيان الذي قرأناه قبل الحذف، ولكن السبب الوحيد هو الضغوط؛ لأننا قرأنا بعض التغريدات، أو تصريحات لقيادات في الانتقالي، تلمح إلى من يتسبب في هذا الإخفاق، وأن هذه المسألة سياسية، إنما الأنسب للانتقالي أن يمارس دوره داخل الحكومة بعيدا عن الإعلام".
وقال: "فيما يخص الأجندة السياسية، التي يعمل الانتقالي لأجلها، هذا حق مشروع، ولكن ليست بهذه الطريقة، والحكومة تحتاج تغييرات بالفعل مع هذا الانهيار، ولكن لا ننسى أن الحكومة ليست مسؤولة بالكامل عن ما يحدث؛ لأنه فيما يخص الجانب الاقتصادي والمسألة لها علاقة بالعملية السياسية برمتها، والطرف الآخر الذي أدخل البلد الآن فيما يخص الاستهداف الدولي لهذه الممرات، وربما تفتتح هذه الملفات بشكل أكبر وأوسع، وقد لا تسيطر عليها".
وأضاف: "للساحة اليمنية مستجدات متسارعة قد تختلف عما قبل بالكامل؛ لأنه قد كنا باتجاه عملية سلام وتهدئة وتفاهمات، والآن المسألة ربما تتجه إلى مسار آخر بناءً على هذه الأحداث".
وتابع: "المسار الآخر هو أن يحدث تغيير، وأن يستوعب المجتمع الدولي أن جماعة الحوثيين هي العائق الأساس والرئيسي لكل هذه التصدعات، التي تحدث، سواء فيما يخص مسار العملية السياسية".
- أدوات إيران والإمارات:
يقول صالح سميع -وزير سابق: "اليمن الكبيرة في جنوب جزيرة العرب، وتعاني من مرض، فاليمن مريضة، وحلقت عليها السكاكين، وأهم سكينين، سكين ملالي طهران عبر أدواته في صنعاء وصعدة، وسكين آل زايد عبر أداته المحلية في عدن، هذه هي القضية الجوهرية".
وأضاف: "هذا هو الوضع في اليمن، والمندوب السامي في عدن هو المسؤول الإماراتي المنتدب من الإمارات، هو الذي يسيّر الأمور، ومن في عدن ما هم إلا أدوات مثل الحوثي أداة في الشمال، وهذا هو الأداة في الجنوب، هذه هي القضية باختصار".
وتابع: "يجب على الحكومة والسلطة التنفيذية بجناحيها الرئاسي والحكومي أن يحددوا موقفا من هذه التصرفات؛ لأن الناس قد سئموا، ولا بُد أن نسمع لهم صوتا، وبدأت المسألة تفتك في الجسد اليمني، فإن الصمت خيانة تجاه ما يجري الآن في عدن، بالإضافة إلى ما يجري في صنعاء".
وأردف: "إذا صح خبر أنه أصدر بيانا ثم تم حذفه، فإن هناك تدخلا إقليميا مؤكدا إمارتيا سعوديا في الموضوع، وهم من ألزموهم بحذف البيان، ويقنعوهم في حال وجود شيء سيتفاهمون في الموضوع، وليس بهذه الطريقة، وهذا هو ما أتصوره".
وزاد: "في نهاية المطاف، اليمن مُمتحن، ونحن استنجدنا بالحلفاء في مواجهة التغول الإيراني، وإذا بأحد أطراف حلفائنا يزرع لنا حدبة أخرى، إيران ونظام ولاية الفقيه عملوا لنا حدبة في الشمال، وبعض حلفائنا وضعوا لنا حدبة في الجنوب، واليمن كله بشرقه وغربه وشماله وجنوبه يعاني من هذه المحنة".
وقال: "لا استبعد التصعيد في هذا الظرف، وبهذه الطريقة مسألة غريبة، ولا أدري ما يريد المندوب السامي؟ ما هي التعليمات التي أتت من أبو ظبي؟ وماذا تريد من هذا كله؟".
وأضاف: "هذا استنتاج وليست معلومة أن الانتقالي يريد أن يسيطر على مفاصل الدولة في عدن، ويبدو أنه طرح أسماء تعيينات في الحكومة، أو شيء من هذا القبيل، وكان للحكومة والرئاسة موقف، وهذا التصعيد لم يأتِ من فراغ، وإنما انطلاقا من المصلحة الكبرى لدولة الإمارات العربية المتحدة".
وتابع: "لا أظن أن له علاقة فيما يحدث في البحر الأحمر، وما يحدث في البحر الأحمر تصرف حوثي بتوجيهات من إيران، وإن كان هناك تناغم وتحالف غير معلن بين إيران والإمارات فيما يتعلق بمسألة الوضع في الجنوب والشمال، ويبدو أن هناك خطة خفية بأن الإمارات تستأثر بالجنوب، وإيران تستأثر بالشمال، وكأن الحكومة السياسية اليمنية الكبيرة العريضة الطويلة ليست موجودة".
المصدر: بلقيس نت