هل مشكلة الجامعة العربية تكمن في استبدال أمينها العام المصري بأمين عام سعودي، وهل مشكلتها تكمن في نقل المقر من القاهرة إلى الرياض؟ لماذا هذا التوقيت بالذات، خاصة وأن العالم يشهد تحولات خطيرة والمنطقة تشهد واحدة من أبشع الحروب من الناحية الإنسانية وسط تهجير قسري للفلسطينيين ومصر تحيط بها جغرافية مفتوحة على الحروب والصراعات في غزة والسودان وليبيا؟!
إصلاح الجامعة مطلوب وهو مطروح منذ فترة بعيدة، لكنه إصلاح يحرص على تحقيق المصالح المشتركة والدفاع عن سيادة واستقلال الدول الأعضاء ودعم القضايا العربية الكبرى وتحديدا القضية الفلسطينية وتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد وتوحيد العملة..
من منا لا يعلم بأن الجامعة تمر بمرحلة غير مسبوقة من الضعف والهوان،خاصة فيما يتعلق بأم القضايا وهي القضية الفلسطينية،لكن النزاع على مقرها وأمانتها العامة لا ينقلها نحو الفاعلية الجماعية في العلاقات الدولية ولا يسمح لها بتحقيق التنمية التي تستجيب للتحديات الأمنية والاقتصادية..
إذا أردت السعودية إصلاح الجامعة حقا فعليها أن تسعى إلى تحويل الجامعة من هيئة تنسيقية إلى مؤسسة تنفيذية تمتلك صلاحيات التنفيذ والعمل على تطوير آليات القرار داخل الجامعة بعيدا عن تدخل الدول أو الهيمنة عليها..
والأهم من هذا كله تغيير آلية اتخاذ القرار وتحويله من الإجماع إلى الأغلبية وإدراج مبادئ حقوق الإنسان وإنشاء آلية مستقلة لحل المشاكل التي تنشأ داخل الدول الأعضاء وتشكيل قوات لحفظ سلام عربية تحت إشراف الجامعة العربية بدلا من تغذية الحروب بالتدخلات كما هو حاصل في اليمن وسوريا والسودان وليبيا والعراق..
إن إصلاح الجامعة يتطلب تغيير في الآليات وليس في المكان أو الأشخاص، والسؤال يلح علينا مرة أخرى،لماذا أرادت السعودية فتح ملف الجامعة الآن، في الوقت الذي نجد أن حدود مصر مفتوحة على الدم في غزة والسودان وليبيا،هل هو بحسن نية أم بسوء منها، نتوقع أنه بحسن نية وأنها تدرك مدى حاجة النظام العربي لمصر كي تبقى ثابتة في وجه المطامع الإسرائلية والإيرانية التي تريد ابتلاع المنطقة كلها..