أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، أنه قصف "مركز قيادة وسيطرة" لحماس داخل مستشفى في غزة كانت الحركة تستخدمه للقيام بـ"أنشطة إرهابية"، على حدّ تعبيره.
وقال الجيش في منشور عبر تطبيق تلغرام إنه "قصف بدقة مركز قيادة وسيطرة يقع داخل مستشفى ناصر في خان يونس" جنوبي القطاع.
وأضاف أن "كبار مسؤولي حماس يواصلون استخدام المستشفى للقيام بأنشطة إرهابية، ويستغلّون السكان المدنيين داخل المستشفى وحوله بشكل سافر ووحشي".
بدورها، لم تُعلّق حركة حماس على أعلنه الجيش الإسرائيلي بشأن الحادث، واكتفت بإدانة ما وصفته بـ"الجريمة المركبة"، معتبرةً أنها تمثل "انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والإنسانية، وتعكس إفلاس الاحتلال أخلاقياً وإعلامياً، وافتقاده للمصداقية أمام العالم".
وأفاد مراسل بي بي سي لشؤون غزة بمقتل الصحفي حسن إصليح وإصابة عدد آخر من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في الردهة. وكان إصليح يتلقّى العلاج في مستشفى ناصر، بعد إصابته في السابع من أبريل/نيسان الماضي إثر قصف خيمة للصحفيين كانت بجوار المستشفى.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أقر باستهدافه خيمة للصحفيين بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وأسفر ذلك القصف عن مقتل صحفيٍ فلسطينيٍ ومواطنٍ حَرْقاً وإصابة 9 صحفيين.
وخلّف مقتل حسن إصليح حالة من الصدمة والحزن لدى الصحفيين في غزة، واعتقاداً بينهم بأنه استُهدِفَ بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي.
وأدانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة ما وصفته بالـ "الجريمة النكراء التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي فجر الثلاثاء بحق المرضى والجرحى، وذلك باستهدافه المباشر لمبنى الجراحات بمجمع ناصر الطبي".
وقالت في بيان لها، إن "القصف أدى الى استشهاد اثنين وإصابة آخرين من المرضى والجرحى أثناء تلقيهم العلاج بالإضافة إلى الطواقم الطبية العاملة".
"الاستهداف المتكرر للمستشفيات وملاحقة الجرحى وقتلهم داخل غرف العلاج، يؤكد تعمُّد الاحتلال إلحاق الضرر الأكبر بمنظومة الخدمات الصحية، وتهديد فرص علاج الجرحى والمرضى حتى على أَسِرّة المستشفيات"، وفق الوزارة.
واستأنف الجيش الإسرائيلي القصف الجوي والمدفعي على مناطق شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، بعد انتهاء تسلُّمه الرهينة الإسرائيلي الأمريكي عيدان الكسندر.
وقُتل في قطاع غزة ما لا يقلّ عن 52862 فلسطينياً منذ اندلاع الحرب معظمهم من المدنيين، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة في القطاع، بينهم 2749 منذ استئناف إسرائيل ضرباتها في 18 مارس/آذار بعد هدنة لم تَدُمْ لأكثر من شهرين.
خطر مجاعة عامة
من ناحية أخرى، أفاد تقرير أممي جديد بأن جميع سكان غزة مُعرّضون لخطر المجاعة، بالتزامن مع بيان لحماس يؤكد اشتداد المجاعة "بشكل كارثي"، بعد تسعة عشر شهراً من الحرب والنزوح الجماعي وحصار المساعدات الإنسانية الضرورية.
ووفقاً لمقياس الجوع العالمي، الذي تستخدمه الأمم المتحدة والعديد من هيئات الإغاثة، يواجه نصف مليون فلسطيني في القطاع خطر المجاعة.
وأفاد التقرير الصادر عن النظام المتكامل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي (IPC)، المدعوم من الأمم المتحدة ومنظمات غير الحكومية، بأن 22 في المئة من سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، يواجهون "كارثة إنسانية"، بينما سيواجه جميع السكان خطر أزمة غذائية "أو أسوأ" بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.
وأضاف التقرير أن "جميع السكان يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث يواجه نصف مليون المجاعة، بمعدل واحد من كل خمسة".
ويعتمد نظام تصنيف الأمن الغذائي على خمسة مستويات. وقد أوضحت المقاييس أنه في الفترة من 1 أبريل/نيسان إلى 10 مايو/أيار، كان 244 ألف فلسطيني في غزة يعانون من أشد حالات الأمن الغذائي خطورة، بما يصل إلى المستوى الخامس، بمعنى أنهم يواجهون كارثة المجاعة.
كما جرى تصنيف 925 ألفاً آخرين على أنهم في المستوى الرابع، أو يواجهون "حالة طوارئ".
وحذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من أن الزراعة في غزة "على شفا الانهيار التام"، داعية إلى رفع الحصار "فوراً".
وقالت المنظمة إن مساعداتٍ كأعلاف الحيوانات والمستلزمات البيطرية، ضرورية بشكل عاجل للحفاظ على إنتاج سلع ثمينة كالحليب والبيض، والتي غالباً ما تكون آخر ما تبقى من الغذاء.
وأكدت بيث بيكدول، نائبة مدير منظمة الفاو استمرار تصاعد عدد من يواجهون المجاعة حالياً، مضيفة أن "مستويات سوء التغذية مرتفعة"، وموضحة أن هذا المقياس مؤشر على اتجاه "أي بلد في نهاية المطاف إلى حالة المجاعة".
من جهتها، حذّرت حماس من أن "المجاعة في غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء".
وشددت في بيان لها، الاثنين، على أن الجهات الوحيدة المخوّلة بإدارة وتوزيع المساعدات هي المؤسسات الأممية والحكومية المختصة، "وليس الاحتلال أو وكلاؤه".
ودعا البيان الفلسطيني إلى كسر الحصار، وفتح المعابر أمام تدفق المساعدات، تحت إشراف الأمم المتحدة وبعيداً عن أي تدخلات من السلطات الإسرائيلية.
وقد منعت إسرائيل دخول أي مساعدات إلى غزة منذ أوائل مارس/آذار، قائلة إنها تضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن المتبقين.
وارتفعت حصيلة حرب غزة المستمرة إلى 52.862 قتيلاً فلسطينياً، و119.648 مصاباً، بحسب وزارة الصحة في القطاع، بعد مقتل نحو 1200 من الجانب الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023