�نا عدن | متابعات
كشفت منظمة العفو الدولية الخميس عن رصد أسلحة صينية الصنع لدى قوات الدعم السريع مصدرها الإمارات، فيما تعرّضت مدينة بورتسودان المقرّ المؤقت للحكومة الموالية للجيش لضربات بمسيّرات لليوم الخامس على التوالي.
وأورد تقرير المنظمة أن أسلحة متطورة تشمل قنابل موجهة ومدافع ميدانية أعادت الإمارات تصديرها من الصين "تمت مصادرتها في الخرطوم، إضافة إلى استخدامها في دارفور (غرب)، في انتهاك فاضح لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة".
وكشفت المنظمة التي تتخذ في بريطانيا مقرّا عن رصد "قنابل صينية موجّهة من طراز جي بي 50 ايه وقذائف ايه اتش-4 من (عيار) 155 ميليمترا"، بالاستناد إلى تحليل صور لمخلّفات عُثر عليها بعد هجمات في إقليم دارفور (الغرب) وفي الخرطوم في آذار/مارس بعدما استعاد الجيش السيطرة على العاصمة.
وأفادت منظمة العفو الدولية بأن الأسلحة الصينية التي تمّ رصدها في السودان "تصنعها مجموعة نورينكو (Norinco)" المعروفة باسم "تشاينا نورث إنداستريز غروب كوربورايشن ليميتد" (China North Industries Group Corporation Limited) وهي مجموعة دفاع مملوكة للدولة الصينية.
وأكّدت المنظمة الحقوقية غير الحكومية بالاستناد إلى بيانات معهد الأبحاث السويدي "ستوكهولم إنترناشونال بيس" أن "البلد الوحيد في العالم الذي استورد من الصين قذائف ايه اتش-4 من 155 ملليمترا هو الإمارات في العام 2019".
وأشارت إلى أن "ذلك يدلّ على أن الإمارات مستمرّة في مساندة قوات الدعم السريع" تماشيا مع ما جاء في تقارير سابقة، أحدها للأمم المتحدة. وذكّرت المنظمة بأنه سبق لها توثيق أن الدولة الخليجية مدّت الدعم السريع بمسيّرات صينية الصنع.
ولطالما نفت أبوظبي مدّ الدعم السريع بالأسلحة، بالرغم من صدور تقارير من خبراء أمميين ومسؤولين سياسيين أميركيين ومنظمات دولية تفيد عكس ذلك.
ورجّح تحقيق منظمة العفو أن تكون قنابل "جي بي 50 ايه" التي "تستخدم للمرّة الأولى استخداما نشطا في نزاع عالمي" في السودان "قد أعيد تصديرها بشكل شبه محتّم" إلى الدولة الإفريقية عبر الإمارات.
وهذه القنابل يمكن تحميلها على المسيّرات الصينية الصنع "وينغ لونغ 2" و"فيهونغ-95" التي "تستخدم فقط في السودان من قبل قوات الدعم السريع… وتوفَّر من الإمارات".
– "مفاقمة الحاجات الإنسانية" –
ولم يتطرّق التقرير إلى المسيّرات البعيدة المدى التي استخدمتها قوات الدعم السريع في الأيام الأخيرة في هجمات على مدن يسيطر عليها الجيش.
والخميس، طالت الهجمات القاعدة البحرية الرئيسية قرب بورتسودان (شرق)، إضافة إلى مستودعات وقود في مدينة كوستي (جنوب)، بحسب ما أفاد مصدران في الجيش وكالة فرانس برس.
وفي إشارة إلى قوات الدعم السريع، قال مصدر عسكري طالبا عدم كشف هويته إنّ "المسيرات تعاود الهجوم على قاعدة فلامينغو البحرية شمال بورتسودان".
وكشف أن "15 طائرة مسيرة كانت تستهدف مواقع مختلفة في مدينة بورتسودان" أسقطت ليلا.
وفي الأيام الأخيرة، استهدفت مسيرات مواقع استراتيجية في بورتسودان التي بقيت إلى حد كبير في منأى من الحرب التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
وتتعرض المدينة التي تعدّ مركزا للمساعدات الإنسانية وتضمّ وكالات الأمم المتحدة وآلاف النازحين، لضربات ينسبها الجيش إلى قوات الدعم السريع، ويقول إنّها تستخدم "أسلحة استراتيجية ومتطوّرة" قدّمتها لها الإمارات العربية المتحدة التي تنفي هذه الاتهامات.
وتثير هذه الهجمات مخاوف من احتمال انقطاع المساعدات الإنسانية وتهدّد بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بمفاقمة الحاجات الإنسانية وتعقيد عمليات المساعدة" في السودان حيث تمّ إعلان المجاعة في بعض المناطق، وحيث يعاني حوالى 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الخطير.
وأدى النزاع إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص.
وتتهم الحكومة السودانية المرتبطة بالجيش دولة الإمارات بدعم قوات الدعم السريع، وهو ما تنفيه أبوظبي.
وأعلنت الخرطوم الثلاثاء أن الإمارات "دولة عدوان" وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها. وردّت الإمارات الأربعاء بأنها "لا تعترف" بهذا القرار.
– لا خيار "سوى المغادرة" –
منذ خسارة الدعم السريع مواقع عسكرية في الخرطوم ووسط السودان، زاد اعتمادها على الطائرات المسيّرة والمدافع البعيدة المدى. وهي تستخدم مسيّرات بدائية الصنع وأخرى متطورة، يتهم الجيش الإمارات بتزويدها إيّاها.
وألحقت الضربات أضرارا في البنى التحتية الاستراتيجية في بورتسودان، بما في ذلك المطار المدني الأخير العامل في البلاد، وقاعدة عسكرية وأكبر محطة كهرباء في المدينة وأكبر مستودع وقود قيد العمل فيها والميناء الرئيسي في البلاد.
وفي محطة الحافلات الرئيسية المزدحمة في بورتسودان، يتدافع مدنيون للمغادرة.
ومن بين الفارين حيدر إبراهيم الذي كان يستعد للتوجه جنوبا مع عائلته.
وقال لوكالة فرانس برس إن "الدخان في كل مكان وزوجتي تعاني الربو" مضيفا "لا خيار لدينا سوى المغادرة".
وارتفعت تكاليف النقل بمقدار يناهز الضعف نتيجة نقص الوقود الناجم عن الهجمات.
ونزح العديد ممن هربوا إلى بورتسودان عدة مرات من قبل، وكانوا يفرون مع اقتراب المواجهات.
وقسّمت الحرب السودان بين مناطق في الوسط والشمال والشرق يسيطر عليها الجيش وأخرى في الجنوب بقبضة قوات الدعم السريع التي تسيطر على إقليم دارفور (غرب) في شكل شبه كامل.
المصدر اونلاين